رؤية

إننا نستنشق السرطان ونأكله!

نجيب الشامسي

حينما يصبح ملبسنا، وطعامنا، ومشربنا، ومختلف وسائل راحتنا، وجميع أسباب معيشتنا مستوردة من الخارج، وحينما تتزايد أعداد الأفواه الجائعة في مجتمعنا، تزيد أعداد الجشعين المتنافسين على بيع الطعام والشراب، حتى لو كانا مغموسين أو ممزوجين بمادة مسرطنة، ليس إلا من أجل كسب كبير، في وقت سريع.

من الطبيعي إذاً أن تصبح أعداد الذين يعانون أو يموتون من مرض السرطان في تزايد، إذ أصبح يسكن أحشاءنا، ثم ينهش مختلف أجزاء جسمنا، ولا يميز عمراً، حتى أطفالنا الذين يموتون بسبب ما نورثه لهم من جينات مسرطنة، نتيجة ما نطعمهم من وجبات مسرطنة، وما نوفره من هواء ملوث ومشبع بالأتربة المسرطنة.

حينما يعلن أحد مستشفيات الدولة عن استقباله سنوياً 60 حالة من أطفال مواطنين ووافدين، يعانون أمراض السرطان، بعضهم قضى نحبه والبعض الآخر ينتظر، فيما العناية الإلهية أنقذت براءة القسم الثالث فوجد العلاج. حين يحدث هذا في مستشفى واحد، وفي منطقة دبي والإمارات الشمالية فقط، حينها نقول أين التنمية؟ وأين الرقابة والحماية والرعاية؟ وأين حقوق المواطن في العلاج؟ وأي نوعية تلك التي يتلقاها أطفالنا؟

كم عدد الذين يعانون أمراض السرطان في بلادنا من ذكور وإناث، من مواطنين ووافدين، صغار وكبار؟ كم عدد الذين يسكنهم هذا المرض الخبيث الصامت الذي يتغذى على خلايا أجسادهم؟ وإذا ما قمنا بمسح إحصائي دقيق وشفاف، كم هو حجم الصدمة التي تنقلها لنا نتائج تلك المسوحات عن هذا المرض؟

لماذا نستورد الطعام المشبع بالسرطان، خصوصاً طعام الأطفال، من وجبات سريعة ومشروبات غازية وحلويات؟ ولماذا نسمح بزراعة الخضراوات والفواكه في مزارعنا، وتربتها مشبعة بأسمدة تسبب السرطان؟ لماذا يذهب أطفالنا ونساؤنا ضحية لأمراض السرطان التي تنهش أجسامهم بسبب التلوث الذي ينبعث من مداخن مصانع وكسارات تحصد آلاف الناس سنوياً، منهم أطفال كثيرون يعانون الربو القاتل، والمتسبب الأول في مرض السرطان، بعد أن أصبح الغبار يحاصرهم في المنزل والحارة، وحتى في غرف نومهم ومطابخ طعامهم، وأصبح الهواء الذي يستنشقونه في كل شهيق، يوصلهم إلى مستشفيات الدولة قبل أن ينتهي بهم الحال إلى إحدى المقابر؟

حينما يتأكد لنا أن تلوث الطعام والهواء والماء حالة يومية، وبعد أن يصبح السرطان غذاءً لشريحة من الناس، وفي الوقت الذي تصبح هذه الشريحة غذاء لهذا السرطان، فإننا نقول كفى تلاعباً بصحة الإنسان، إذ لا معنى للتنمية، ولا أساس لحقوق الإنسان.

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر