رؤية

حقوق منقوصة

نجيب الشامسي

شهدت الفترة الأولى من قيام الدولة في الثاني من ديسمبر ،1971 صيانة لحقوق المواطنة الاجتماعية وأهمها التعليم والصحة، والحقوق الاقتصادية وعلى رأسها حق العمل، والحقوق الأمنية باعتبار الأمن والاستقرار مطلبين للتنمية وحماية الحقوق والمكتسبات.

وكان أصحاب السمو رئيس وأعضاء المجلس الأعلى للاتحاد، يولون حقوق المواطن جل اهتمامهم، فكانت المساكن الشعبية، والوظائف، والخدمات التعليمية والصحية، والأمن والاستقرار عنواناً لدولة طموحه بإيمان قيادتها السياسية.

فقد كانت القيادة فيها تولي الإنسان كل اهتمامها، «فلا خير في مال ما لم يوظف في خدمة الإنسان»، هذا الإنسان الذي اعتبره مؤسس هذه الدولة، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أساس التنمية ومحورها وهدفها.

وبعد أربعة عقود من عمر دولتنا، ونحن نقف على أعتاب مرحلة جديدة، كان لابد لنا من جردة بسيطة تتعلق بحقوق المواطنة في الدولة، وأبسطها حقوق المواطن الاقتصادية التي نص عليها الدستور. فهل لايزال المواطن يملك زمام الأمور الاقتصادية، أو يملك سلطة القرار في إدارة شؤون دولته الاقتصادية؟ أم أنه أصبح منشغلاً أكثر بأسباب رزقه؟ بعد أن حاصرته الظروف المعيشية من كل صوب وحدب، وبعد أن برزت مؤشرات سلبية في المجتمع الإماراتي، من بطالة وتراجع في مستوى الخدمات الاجتماعية، وتردٍ في المستوى التعليمي والتربوي، وضعف في مستوى الخدمات الصحية، الأمر الذي دفع مواطنين إلى البحث عن مدارس خاصة، وجامعات خاصة أو شبه حكومية (مدفوعة التكاليف)، ومستشفيات وعيادات خاصة، حمّلتهم أعباء مالية جديدة، وأرهقت موازناتهم الشهرية، وأجبر مواطنون على تحمل بطالة أبنائهم، إذ لايزالون يدفعون مصروفهم اليومي ونفقات معيشتهم الصعبة، وانزلاق خطير في وضع معيشي صعب بعد خسائر تكبدها مواطنون في سوق الأسهم والعقارات، إذ يدفعون مديونيات صعبة لمصارف تجارية لا ترحم بشروطها عند تقديم القرض، وفوائد صعبة طوال فترة السداد، ونهاية في كثير من الأحيان تكون مؤلمة حينما يواجه المساءلة القانونية أو السجن.

وحتى الوظيفة، أصبح يحصل عليها المواطن بشق الأنفس، بعد منافسة شديدة مع القادمين من خارج الوطن. وحينما أراد المواطن حقاً ممارسة نشاطه التجاري، وفتح مشروع صغير له، وجد السوق وقد هيمنت عليها مختلف الجنسيات، ومن تجرأ وغامر في تلك السوق خسر وخرج منها، أو راهن على مستقبله ومستقبل أسرته، وأصبح ضحية من ضحايا مافيا السوق، فيما أصبح الأجنبي متمكناً من السوق في الملكية والعمالة، لاسيما بعد أن يصبح الأجنبي كفيلاً لنفسه، حراً في ممارسة النشاط التجاري الذي يريده.

وفيما الحقوق تذهب إلى الوافدين، وفيما السوق تدان لهم، فإن حقوق المواطن أصبحت حبراً على ورق، أو حقوقاً من ورق، وأصبحت تلك الحقوق استهلاكاً إعلامياً لا أكثر.

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر