رؤية

شركات.. وشركات

نجيب الشامسي

شهدت الساحة الاقتصادية في الإمارات، وخلال عقدي الثمانينات والتسعينات طفرة في عدد الشركات المساهمة التي تأسست بموجب القانون الاتحادي رقم (18) لسنة 1984 في شأن الشركات التجارية. وربما تجدر التساؤلات هنا حول أهمية هذا العدد من الشركات والمصارف لاقتصادنا (الوطني)؟ ولماذا نحن في الإمارات مغرمون دوماً بتسجيل أرقام قياسية حتى في عدد الشركات من دون أن نفكر جدياً في مدى حاجة اقتصادنا إلى مثل هذا العدد؟

ما الجدوى الاقتصادية لشركات تجارية، تفتقر في معظمها إلى القاعدة الرأسمالية الصلبة، والرؤية الفنية، والقدرات العلمية لمستقبل الأوضاع الاقتصادية، وهي شركات في معظمها خدمية وتعاني منافسة أجنبية، وتعمل في سوق تتسم بازدواجية المشروعات؟

لقد بلغ عدد الشركات المساهمة المدرجة في سوقي أبوظبي ودبي الماليين (120) شركة تتوزع على مختلف إمارات الدولة، (62) شركة منها يتم تداول أسهمها في سوق أبوظبي، و(58) شركة في دبي.

ومن حيث الإنتاج، لم يجاوز عدد الشركات الإنتاجية (23) شركة، كما أن الشركات الخدمية التي يصل عددها إلى (97) شركة من إجمالي الشركات المساهمة، تستأثر بمعظم رؤوس الأموال، بعد أن سحبت السيولة من الشركات الإنتاجية أو قطاع الإنتاج في اقتصادنا (الوطني)، أو جمدت تلك السيولة في أصول ثابتة تمثلت في قطاع العقارات والإنشاءات، فيما ضيعت مصارف تجارية سيولتها في أسوق المضاربات في قطاعي الأسهم والعقارات.

ويجدر السؤال هنا حول دور وزارة الاقتصاد المعنية بالتنمية الاقتصادية، من حيث قيامها بدراسة الجدوى الاقتصادية لطلبات تأسيس الشركات المساهمة بما في ذلك المصارف التجارية، قبل موافقتها على طلب المساهمين، أم أن الوزارة لا تستطيع رفض طلب المساهمين، لاسيما إذا تضمنت القائمة أسماء معينة، أو تمنح الموافقة لاعتبارات إقليمية، مثل الشركات العقارية التي لم تخلُ إمارة ما من شركة أو أكثر، حتى أصبحت الشركات العقارية تتنافس، بل تتصارع في ما بينها على جذب مساهمين عند التأسيس، ثم المضاربين بعد التأسيس، وتوزيع المفلسين بعد تكبدها خسائر.

إن اعتمادنا على النواحي الكمية مؤشراً في تقييم إنجازاتنا الاقتصادية دون اعتبارات لنوعية هذا «الكم» وأهميته الاقتصادية في تحقيق نهضة اقتصادية، وبناء المستقبل الاقتصادي لهذه الدولة، ثم تنمية هذا «الكم» على حساب القطاع الإنتاجي الحقيقي في الاقتصاد، ودعم المشروعات الخدمية على حساب الإنتاجية، وتنمية مشروعات لا تفضي إلا إلى الازدواجية، من شأنه أن يوصلنا إلى نتائج وخيمة، وانهيارات اقتصادية، وتصدّعات تعرّض اقتصادنا إلى هزات وأزمات مفجعة، كما هو الحال بعد الأزمة المالية العالمية عام ،2008 فهل نتدارك أوضاعنا، ونعمل على إصلاح اقتصادنا ونرمّم شؤوننا؟

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر