يا جماعة الخير

عائشة محمد المحياس

تصادفك أحياناً رؤية فتيات أو بقايا فتيات، وقد قمن بعمل تغييرات في أشكالهن ليتشبهن بالرجال، إما في تسريحة الشعر وشكل اللبس أو القيام ببعض الحركات الصبيانية، هؤلاء الفتيات أصبحن من الفئات المتعارف عليها اجتماعياً بلقب «البويات»، وعند النظر إليهن يتبادر إلى الذهن نوعية الرسالة التي يردن توجيهها، فما هو الهدف من أن أقوم بمسح شخصيتي والتمثل بسلوك وشكل مختلف عني تماماً وكأنني في زي تنكري؟ إن هؤلاء الفتيات «والله أعلم» يردن أن يوجهن رسالة برفضهن واقعهن بأنهن فتيات، ويردن التحرر من التعامل الأنثوي معهن من مختلف أطراف المجتمع، ويطالبن بمبدأ المساواة مع الرجال، لدرجة أنهن لا يعرفن إلى أين ينتمين، لا إلى هؤلاء الإناث ولا إلى هؤلاء الذكور. أودّ هنا أن أوجه رسالة إلى كل من تتشبه بالرجال أو الشباب وتسعى إلى أن تكون «بويه». ما معنى الرجولة لديكن؟ فمفهوم الرجولة ليس في حلق الشعر أو الذقن ولبس «الكندورة» وتقليد أصوات وحركات الرجال، الرجولة هي أفعال وبطولات وإنجازات. فإذا كنتن تردن العمل الرجولي والتحول إلى رجال، فأنا أدعوكن للانخراط في الأعمال التي يقوم بها الرجال فعلياً وكل يوم، فالخيارات أمامكن مفتوحة، إما الانضمام لسلاح الجيش وقوات حرس الحدود للوقوف معهم على مداخل وحدود دولتنا الحبيبة وطوال النهار وتحت أشعة الشمس الحارقة، وطوال الليل في البرد القارس بهدف حفظ أمن واستقرار البلاد، أو هناك خيار آخر لتكن رجالاً وهو النزول إلى الشوارع وكنسها والمساهمة في تنظيفها من الأوساخ وجمع القمامة والحفاظ على البيئة، ومن الممكن أيضاً، إن كنتن ترد العمل الرجولي المساهمة في تنمية المجتمع بالبناء والتطوير وتشييد الأبراج والجسور ورصف الطرق. هذه نماذج من بعض الأعمال الرجولية لتسهمن فيها، فهذه الأعمال أفضل بكثير من مجرد لفت أنظار بعض الفتيات المريضات نفسياً واللواتي يفتقدن أصلاً لاهتمام من حولهن، فينخدعن بهذه المظاهر. وللعلم أيضاً، هذه الأعمال إن كنتن تردن القيام بها، فهي لا تحتاج منكن إلى التنكر في مظهر رجل، فالمرأة في دولة الإمارات وصلت إلى درجات عالية من النجاح والعمل البطولي والإنجازات، وشاركت في قوات الدفاع المدني والقوات المسلحة وقيادة الطائرات الحربية والمدنية والتجارية وحملت السلاح، وشيدت البناء وربت الأجيال، وعالجت الصغير والكبير، وأصبحت وزيرة وسفيرة، وهي بكامل أنوثتها ورقتها، فتحقيق النجاح والتفوق والقيام بالأعمال البطولية والرجولية لا يحتاج منكن إلى الدخول في حفلة تنكرية متمثلة في لبس الرجال، وحلق الشعر والذقن والتحول إلى «بويه»، ولكن العمل الرجولي ممكن أن تحققيه بشخصيتك الأصلية، ومن دون التخفي وراء ستار وغطاء خارجي، فمن الممكن القيام بمختلف هذه الأعمال، سواء كنت بلبس فتاة أو فتى أو حتى طفل. نساء خالدات حققن أعمالاً بطولية عجز الرجال عن القيام بها، وهن بكامل أنوثتهن وبلبسهن النسوي المحتشم، أمهات المسلمين رضوان الله عليهن، نسيبة بنت كعب، خولة بنت الأزور، لم يكن في حاجة إلى لبس تنكري يطمس شخصيتهن الأصلية حتى يبرز دورهن في التاريخ، ففي النهاية، من أنا وليس من سأكون. الرجولة والعمل الرجولي ليس بالشكل وتغيير المنظر للفت الأنظار ونظرات الإعجاب نحو الفتيات فقط والتأبط بهن، وإنما ما قد تقدمنه لمن حولكن، سواء أسركن أو مجتمعكن أو حتى دينكن، فما تفعلنه اليوم سوف تسألن عنه يوم الحساب، فماذا ستكون إجاباتكن يا ترى؟

لقراءة مقالات سابقة للكاتبة يرجى النقر على اسمها .

تويتر