رؤية

هيئة عليا لمكافحة الفساد

نجيب الشامسي

إن تعاطي حكومة دبي خصوصاً، والحكومة الاتحادية عموماً، مع صور الفساد المالي والإداري بهذه الدرجة من الشفافية، هو أمر إيجابي ومريح، ليس للمؤسسات الحكومية فحسب، وإنما في علاقة الدولة بالساحة الدولية، ومختلف دول العالم التي تسعى الإمارات إلى الدخول معها في مفاوضات وحوارات، تفضي إلى تعاقدات وشراكات اقتصادية وتجارية استراتيجية، كما أن مواجهة صور الفساد تلك، إنما تعزز من حضور الدولة في الساحة الاقتصادية الدولية، وخريطة العالم الاقتصادية، على اعتبارها بيئة استثمارية واعدة، ومحافظة على حقوق الشركات والاستثمارات الدولية والمساهمة فيها، إضافة إلى أن التصدي لأشكال الفساد وصوره، إنما يمنح المواطن راحة نفسية كبيرة، حينما يشعر بأن الأموال العامة والخاصة أيضاً، في أمن وأمان، وبعيدة عن يد اللصوص والانتهازيين والفاسدين، ويدرك أن مساهمته في الشركات والمؤسسات والمحافظ الاستثمارية، مصونة بموجب القانون.

من هنا، وبعد أن أشرقت شمس هذه الحقيقة، وسطعت على وجوه فاسدين في مؤسسات ودوائر وشركات وأسواق، بات إنشاء هيئة عليا لمكافحة الفساد أمراً ضرورياً، لتشكل من أعلى المستويات، وتضم في عضويتها من أهل الخبرة والدراية، ممن يتسمون بالأمانة والوطنية، لكشف مزيد من صور الفساد، والتصدي لكل محاولات المفسدين والمتلاعبين بالأموال العامة وحقوق المساهمين، وتمنح تلك الهيئة التي يصدر في شأنها مرسوم من رئيس الدولة، الصلاحيات كافة، في التدقيق، والمحاسبة، والمعاقبة، لأي مسؤول أو موظف، مهما كانت درجته الوظيفية، ومهما كان علو «كعبه»، إذ إن السارق أو الفاسد الكبير يعلم الناس السرقة والتلاعب.

إن وجود تلك الهيئة، لا يحمي ويصون المال العام والخاص فحسب، وإنما يعزز بيئتنا الاستثمارية، ويسهم في تأسيس مناخات اقتصادية واستثمارية تحقق للدولة سمعتها، ولأسواقنا منعتها، ولسلطة القانون هيبتها، لأن هناك مفسدين يعششون بفسادهم كما خفافيش الظلام، يمتصون عروق وشرايين وأوردة مؤسساتنا، وشركاتنا، ودوائرنا، مستغلين غياب شمس الحقيقة، ويد العدالة عنهم.

إن الدول لا ترقى، والاقتصادات لا تزدهر، والمجتمعات لا تنمو، ولا تستقر، إلا في ظل وجود مؤسسات قانونية، يناط بها محاسبة المقصرين والمتورطين والانتهازيين، ممن يعيثون في الأرض فساداً، وفي المجتمعات ظلماً وجوراً.

والإمارات التي تسعى القيادة السياسية فيها إلى تحقيق كل التطور والتنمية والازدهار للإنسان والمجتمع، وترنو القيادة فيها إلى أن يكون للدولة حضور كبير في الساحة الدولية، وتصنيف متميز في ترتيبها في المحافل الدولية، لن تتردد في اتخاذ كل ما من شأنه صيانة الحقوق، والمحافظة على المكتسبات، بإصدار قرار بإنشاء هيئة عليا لمكافحة الفساد.

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر