رؤية

سياسة إخلال وتحطيم

نجيب الشامسي

في الوقت الذي يناشد فيه الشارع الإماراتي وأجهزة إعلام مختلفة في الدولة، مسؤولين ومعنيين وأصحاب قرار بالاهتمام بالعنصر البشري، لإحداث التنمية البشرية، وتمكين المواطن من إدارة شؤون شركات ومصارف بلده، من خلال سياسة توطين، وتمكين وتأهيل المواطنين، فإن هناك مسؤولين ومنهم مواطنون، يتبوأون مناصب قيادية في دولتنا، لا تروق لهم هذه المناشدة، ولا يؤمنون بسياسة التوطين والإحلال، بل يمارسون سياسة إخلال وتحطيم مع سبق الإصرار والترصد.

إنه إخلال واضح ومتعمّد بتوجهات الدولة وثوابتها، وقناعة أصحاب القرار السياسي، بضرورة تمكين المواطن من إدارة شؤون اقتصاد وطنه، ومنحه فرصة العمل، ثم التدريب والتأهيل، ثم الترقي. وأضحت هذه الفئة من المسؤولين، ملتزمة بسياسة إخلال بكل تلك القرارات والثوابت والقناعات، وتحطيم إرادة المواطن المؤهل، سواء بعدم منحه فرصة بالعمل، أو تحجيمه و«تطفيشه»، وكسر إرادته، إذا استطاع النفاذ إلى هذه المؤسسة أو تلك الوزارة، أو الشركة، أو المصرف. فلماذا يحدث هذا؟ ولمصلحة من؟

قد يُعزى السبب في ذلك إلى أن قيادات إدارية في هيئات، ووزارات، وشركات ومصارف، وصلت إلى سلطة القرار لاعتبارات المعرفة والعلاقة، وهذا «البعض» من القيادات لا يملك فهماً علمياً لطبيعة عمل المؤسسة التي يديرها، وبالتالي، يحارب كل من يملك فهماً أو دراية بشؤون العمل، بل يرفض أي اقتراح أو مبادرة من ذلك المواطن، خشية وصوله ومنازعته في منصبه!

وربما أن هذا «البعض» يحارب كل الأفكار الخلاقة، أو الرؤى التي تجدد من مفاصل العمل الإداري والفني المترهلة في وزاراتنا ومؤسساتنا، وتحرك المياه الآسنة في شرايين العمل الإداري، لأنه يمكن لهذا التجديد أو التطوير، أن يكشف حقيقة العقم الإداري والفني الذي يعانيه ذلك المسؤول.

وربما لأن المسؤول هنا هو من غير المواطنين، فيعمل على محاربة وتحطيم إرادة الموظف المواطن، كي لا يطمع في منصبه أو الكرسي الذي يجلس عليه، فيتّهم المسؤول هذا الموظف بعدم الفهم أو الأهلية، والاتكالية، وعدم الالتزام، وتسفيه عمله، وإبعاده بكل الطرق عن التفكير في الاقتراب من منصب المسؤول، وقد يكون أصلاً ليس في تفكير الموظف المواطن.

إن غياب الرقابة، وضعف المتابعة من قبل الأجهزة المعنية عن تنمية المواطن، ومتابعة شؤونه في وزاراتنا، مؤسساتنا، مصارفنا، شركاتنا، دوائرنا، وهيئاتنا، جعل هذا «البعض» من المسؤولين غير عابئ بمسؤولياته تجاه تنمية قدرات الموظف المواطن وتأهيله وتمكينه.

وقد استغل هذا «البعض» هذه الفرصة في الإخلال بالأنظمة والتشريعات المعمول بها في تلك المؤسسات، وتحطيم الكفاءات المواطنة، وتعتيم صورتها وتشويهها، حتى لا يكون أمامها إلا خيار المغادرة، أو الإذعان والتسليم بالأمر الواقع.

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر