يا جماعة الخير

ومن الحب ماقتل!

عائشة محمد المحياس

سنتحدث اليوم عن علاقة حب جديدة من نوعها، وهي علاقة الحب الأزلية بين الشباب والسيارات بمختلف أنواعها، فحب الشباب للسيارات وشدة تعلقهم بها، يشعرانك بأنهما جينات تسري في دمائهم، تبدأ منذ الطفولة، عندما تكون جميع الألعاب هي السيارات بمختلف أنواعها، ويحفظون أسماءها وأنواع المحركات فيها، وحتى أسعارها وبلاد صنعها، وعند كبرهم يبدؤون رحلة البحث عن ألعاب أخرى مرتبطة أيضاً بالسيارات، من دون قطع علاقة الحب هذه، حتى بلوغهم سن الـ،18 وهي مرحلة تحقيق حلم العمر بتحويل ملكية السيارة اللعبة إلى ملكية سيارة حقيقية، عندها تبدأ رحلة الصراع مع الوالدين لشراء السيارة، هل يشتريها جديدة أم مستعملة؟ غالية الثمن أم رخيصة؟ رياضية أم عائلية؟ وأمام العشرات من الخيارات، يستحوذ أخيراً على السيارة، ويضمها بين يديه فرحاً بها، بقدر فرحته بسيارته اللعبة وهو صغير. ويبدأ المسلسل التراجيدي في نهاية قصة الحب هذه عندما يبدأ الشاب بتحويل سيارته إلى لعبة بين يديه، ويحولها إلى أداة للقتل، فكل ما كان يتمنى القيام به من استعراضات بالسيارات في صغره، يريد تحويله الآن وبسرعة إلى حقيقة، وفي عرض واحد، وتبدأ رحلة الاستعراضات، معتقداً الشاب نفسه بأنه «أبوالعريف» والخبير الأول في قيادة السيارات والدراجات أيضاً، فكل ما يراه من استعراضات على مواقع الإنترنت وشاشات التلفزيون هو مجرد حركات بسيطة جداً وسهل القيام بها، خطوة إلى اليمين ثم خطوة أخرى إلى اليسار بسرعة البرق، وينتهي بعدها الاستعراض بكل شجاعة وبساطة، وتنتهي معه رحلة العمر عند المحطة الأخيرة من حياة هؤلاء الشباب، عندما يفقد الشاب السيطرة على المقود وينهي حياته بيده في لمح البصر، وترحل بذلك فلذة أكبادنا لتتقطع قلوبنا، وتذرف أعيننا أنهاراً من الدموع على خسارة أغلى الناس.

أشارت ورشة عمل نظّمتها «دائرة التنمية الاقتصادية» في أبوظبي، إلى أن عدد قتلى الحوادث المرورية في الإمارات عام 2009 بلغ ثمانية قتلى لكل 100 حادث، ما يمثّل أربعة أضعاف ضحايا الحوادث في الدول المتقدمة، وتقدر التكلفة الاقتصادية لهذه الحوادث بنحو 16.6 مليار درهم، وذكر اللواء المهندس محمد الزفين، أنه في عام 2010 توفي في دبي فقط 21 مواطناً، نتيجة الحوادث المرورية.

رسالة إلى كل الشباب: أنتم المستقبل، يجب أن تعلموا أنه لا أحد يبالي بهذه الاستعراضات غير المبررة التي تهدد حياتكم وحياة الآخرين، لا أحد تعنيه هذه الحركات التي لا تمت من قريب أو بعيد لمبدأ الرجولة التي يجب أن تتحلوا بها. لماذا تدفعون آباءكم وأمهاتكم إلى الحزن والألم، وهم يدفعونكم للحياة والسعادة، ويضعون مستقبلكم نصب أعينهم، ويعيشون لأجلكم وليس لشيء آخر؟ هل جزاء ما قدموه إليكم هو البكاء عليكم؟ فبدلاً من تقبل التهاني بتخرجكم أو زواجكم تدفعونهم إلى تقبل التعازي في وفاتكم ورحيلكم؟ كم منا من فقد فلذة كبده وعزيزاً على قلبه نتيجة استهتار البعض بحياتهم؟ الأمر بأيديكم أنتم أيها الشباب في تحديد الهدف من شراء السيارة، فالرجولة هي اتباع القوانين المرورية، والحفاظ على أرواحكم وممتلكاتكم، والتقيد بالنظم واللوائح التي تحدد السرعات على الطرق، والحفاظ على أرواح الآخرين، وليست الرجولة في الاستعراضات التافهة، بيدكم أنتم فقط الحفاظ على علاقة الحب مع سياراتكم، فمن الحب ما قتل.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

تويتر