يا جماعة الخير

أزواج ماركات

عائشة محمد المحياس

تغير مفهوم الزواج في وقتنا الحالي بين بعض الشباب والشابات، فالبحث عن زوج وزوجة أصبح يعتمد على معايير جديدة، فمواصفات الزوج والزوجة حالياً تختلف عما كانت عليه قبل بضع سنوات مثلاً، فالمواصفات التي تميز زوج المستقبل، بالنسبة للفتيات، هو أن يكون مكملاً لـ«اللوك» و«الستايل» اللذين تتميز بهما، فإذا كان العريس ضمن «الستايل» الذي تتمناه، فبالتأكيد ستتم الموافقة، ويجب أن يكون مكملاً لسلسلة الماركات التي تتزين بها من نظارة تطغى على معظم ملامح الوجه، إلى حقيبة بحجم حقيبة سفر، وعباءة بقايا من لون أسود، وحذاء يرن أثناء المشي، ولتكملة «الستايل» يجب أن يتكون الزوج من حذاء ماركة ونظارة ماركة مع كندورة وغترة «ستايل» حتى يكون التباهي كاملاً، وعليه، فالزوج يجب أن يكون ماركة مسجلة، وسياراته ماركة وبطاقاته الائتمانية تزيد على عدد أصابع اليد الواحدة، منها واحدة هدية لها بحساب مفتوح، ومن دون جرح لأحاسيسها وعواطفها لتشتري لها ولصديقاتها ما تريده، أما زوجة المستقبل فقد أضحت بالنسبة لبعض الشباب مكملة للحياة الاقتصادية، فمن الأفضل أن تكون جامعية، إذ يكون الراتب عالياً، حتى لا تصدع رأسه بطلباتها، ولديها سيارة محترمة، ومن الأفضل أن تكون قد أدت فريضة العمرة والحج حتى لا تزيد عليه أعباءه ومسؤولياته، ويجب أن تقبل العيش معه في منزل والديه، لأن مصروفات الحياة «يدوبك» تكفيه لشراء نعال فارس أو انطونيو ونظارة ماركة، و«كندورة ستايل» و«بربري» أو ما شابه، وطبعاً السيارة التي تتغير كل سنة، ومن ثم السفر مع الشباب والشلة أكثر من مرة في السنة، ومستلزمات البر والدراجات، ومستلزمات البحر والصيد، وسهرات الكوفي شوب والسينما، وفواتير الهواتف من «آي فون» و«بلاك بيري» و«الإنترنت»، وجراحات الليزر لتحديد اللحية، وصالونات الحلاقة، فعلى ماذا يستطيع زوج المستقبل الصرف؟ فلا يكاد راتبه يكفي مصروفاته اليومية، والله يعينه على غلاء المهور التي غالباً ما تتعدى ربع سعر ما قد يصرفه على نفسه. هذه هي معايير الموافقة على زوج وزوجة المستقبل، إذ لم تعد هناك حاجة إلى التفكير في الاستقرار الأسري، ومصلحة أفراد الأسرة، فنمط الحياة العصري يتكفل بكل شيء، فبعض الفتيات يرون أنه مادامت وظيفتها وراتبها معها، فلا يهم إن تم الطلاق مستقبلاً، فهي قادرة على الصرف على نفسها وعلى أولادها، وفي المقابل، فإن الزوج ينظر إلى المسؤولية الملقاة عليه أنها نوع من نمط الحياة، وبما أن الأولاد عند والدتهم، ويتكفل والداه بالمأكل والملبس، فالحمد لله «فالبنات كثر ويتمنونه». هذا خلاصة ما استنتجته من حديث دار بيني وبين شباب وشابات من الجيل الجديد والجامعي وعلى أبواب التخرج، هذا الجيل الذي سيكون داعماً للتنمية الاجتماعية والبشرية، هذا الجيل الذي سيسعى إلى استقرار الأسرة وبناء الوطن، والتضحية بالمصلحة الخاصة أمام المصلحة العامة، جيل عجيب «إلكتروني» ينظر إلى الحياة ببساطة كأنها لعبة في يديه، كلعبة «البلاي ستيشن» أو لعبة «الوي»، يديرها ويحركها كيفما يشاء، وعلى الرغم من وجود أغلبية من الشباب المجتهد المثابر الساعي إلى التميز، إلا أن البعض منهم بدا يغرد خارج السرب وخارج مجتمع دفع كل ما في وسعه لتنشئته حتى يسهم في مسيرة التنمية الاتحادية، وليس في تنمية نفسه فقط، وقال الأولون «السمجة الخايسة تخيس البحر كله».

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

تويتر