5دقائق

عقد الخذلان

حمدان الشاعر

مؤسف ألا نكتب بفرح عن حصيلة عقد يودّع بعد أيام قلائل، ومؤسف أكثر ألا نرى في الأفق بادرة أمل تشي بفرج قريب، فمع بداية كل عام يطرقنا الأمل ويسعى بنا نحو مساحات من التفاؤل والأحلام بأن المستحيل متاح، وأن خلاص أمتنا على بعد خطوات بسيطة، ففلسطين همّنا القائم ومسؤوليتنا الأزلية ــ شئنا أم أبينا ــ مازالت تقضّ مضجع الاطمئنان في دواخلنا، والعراق الذي تغنّينا طويلاً بفراته ونخله يعاني كابوساً مستمراً، ولبنان الجميل مخذول في أهله وجيرانه، والسودان على وشك التشظّي.. ولا ضوء يلوح في هذه العتمة المطبقة.

عقد مرّ مسرعاً حفل بكثير من الخيبات وكأن الأيام تصرّ على أن نحصد ما زرعناه من استسلام وانهزام وتصديق بأننا أمة ليس لها أن تعيش بأي أمل، فلقد انعكس فشل السياسة على كل تفاصيل حياتنا اليومية، فالخذلان ينتقل من مكان إلى آخر ومن زمن إلى آخر، وعلينا أن نصدق أن هناك نظرية تقول إن المؤامرة تحاصرنا في كل جوانب حياتنا، فما يحدث يفوق طاقاتنا على التحمل، فالمؤامرة امتدت من السياسة إلى الاقتصاد وإلى الصحة والبيئة، وتبعها تراجع مقيت تأباه أنفس اعتادت اجترار ماضٍ يجرنا إلى أسفل ويمنعنا من رؤية شمس التقدم والعلو.

لا يعوزنا المال أو الموارد الطبيعية أو الأفكار، بل تنقصنا الإرادة السياسية المدركة أن مصير الأمة مرتبط بعضه ببعض، فأي أزمة في قُطر ما تعني انعكاساً مباشراً على القطر الآخر وأمنه القومي، فلا دولة بمعزل عن الأخرى مهما حاول البعض الانكفاء على أنفسهم، ومهما حاول آخرون تجزئة الأمة إلى أقاليم ومحاور، فإن المصير والمشكلات والانتصارات واحدة، كما أن الانتكاسات أيضاً واحدة.

ففي الوقت الذي يعاني فيه العالم مشكلات وتحديات في الغذاء والمياه ومصادر الطاقة، فإن الوطن العربي ليس بمعزل عن ذلك كله، فتداعيات الأزمة المالية والتغير المناخي والانكماش الاقتصادي تهدر فرص التنمية المرجوة، ولا حلول تمثل الاستدامة جوهرها تم وضعها باستثناء كمٍ من التسويف والتجاهل أو كلام يُخدّر غير مقرون بخطط وبرامج.

على العقد الجديد الذي نستقبله بعد أيام أن يكون مملوءاً بالمنجزات التي تؤكد أننا أمة تستحق الحياة وتستحق النهوض، لأنها ببساطة احترمت إنسانها أولاً وقبل كل شيء.

hkshaer@dm.gov.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر