أبواب

حديقة وأذكياء..!

قررت في يومٍ كهذا، مكتظ بالملل والروتين و«المصائب» الأخرى، أن أرتكب شيئاً غير اعتيادي، وغير اعتيادي لا تعني شيئًا سوى تغيير وجهة التسكع اليوميّة من المراكز التجارية والمقاهي إلى.. حديقة الحيوانات مثلاً، وهذا ما قمت به تمامًا!

كانت تلك هي المرّة الأولى - والأخيرة - التي أزور فيها حديقة الحيوانات في جميرا، فقد كنت أمنّي نفسي - طوال الطّريق - برؤية حيوانٍ غير مألوف «كعادة مدينة دبي في تقديم الأشياء غير المألوفة والمميّزة لزوّارها»، كنت مثلاً أتوّقع أن أجد أقفاصاً فيها ديناصورات وفيلة ماموث، نوعاً من أنواع التّجديد! ولكن - ولسوء حظّي - كانت إدارة الحديقة مصرّة على تخييب آمالي بوضع قردٍ من فصيلة الشمبانزي في استقبالي، القردة المجازية متوافّرة في كل مكان، في الشّارع، في «المولات»، في الملاعب... إلخ، وليست بحاجة إلى حديقة لتعرض فيها. يبدو فعلاً أن هناك أزمةٍ ماليّة حقيقيّة، لأنّنا لم نتمكن من جلب حيوانات غير موجودة في أيّ مكان في العالم!

وعلى الرّغم مما يروّجه البعض من شائعات مغرضة هدفها التّشكيك في ذكاء القردة، إلا أنّ ما حدث في الـ10 دقائق التي أمضيتها أمام قفص قرد حديقة جميرا، أكّد لي أنّ القردة أذكى بمراحل من بعض المحسوبين على بني البشر!

في البداية أشعل أحد الزّوار المشاغبين سيجارة وقدّمها للقرد، فما كان منه إلا أن التقطها بمهارة وأخذ يدخّن بـ«حرفنة» يحسده عليها أعتى المدخّنين! بعد ذلك اقترب زائرٌ آخر من القفص وسأل القرد: «وين عقلك»؟!

أخذ القرد يقفز في مكانه وهو يشير إلى رأسه، بعض الزّوار ردّدوا بانبهار: الله أكبر! قلت لنفسي: الله أكبر حقّا على من ظنّ أن للقرد عقلاً!

أحد الزّوار المندهشين من عبقرية القرد كان يبدو أنّه لم يرَ قرداً يدخّن من قبل، لذلك فقد انتظر حتى خلا المكان، ثمّ اقترب من القرد، وطلب منه أن يردد كلمات ذات معانٍ وإشارات!

كان واضحاً أنّ القرد لم يفهم، وأنّ أحداً لم يمرّ عليه من قبل بغباء هذا الرّجل، فاكتفى بـ«هرش» رأسه وهو يجمع من الأرض حبّات الفستق التي حصل عليها من الزّوار الذين أعجبوا بعبقريّته، أمّا صاحبنا فقد أصيب بإحباطٍ وحزنٍ شديدين، كيف يُعقل أن يدخّن هذا القرد الذّكي سجائر «المارلبورو» ولا يستطيع ترديد الكلمات التي طلبها منه؟

خرجتُ من الحديقة عائداً إلى المنزل، ولا أعلم ماذا حدث لـ«عقل» القرد بعد ذلك، لكن ما أعلمه على وجه اليقين أن محاولات أمثال صاحبنا مع الحيوانات - وغيرها - قائمة على قدم وساق، والمرجع الفذ «غوغل» شاهد على كثير من هذه الفضائح الموثقة بالفيديو ويتداولها رواد المنتديات - العربية بطبيعة الحال - بدءاً بالأسد الذي يزعم صاحبه أنّه يُصدر إشارات دينية حين يزأر، مروراً بالببغاء الذي يقرأ من الكتب الدينية، وليس انتهاءً بالسجادة التي تؤم المصلين!

al-marzooqi@hotmail.com

تويتر