5دقائق

مدن خضراء

حمدان الشاعر

شهدت دبي منذ أيام قليلة أسبوعاً متميزاً، فقد حفلت أجندتها بفعاليات عدة ارتكزت على رسم خارطة طريق نحو المستقبل، فقد كان لمؤتمر المدن الخضراء المنظم من قبل بلدية دبي ومركز البيئة للمدن العربية، وكذلك المناقشات المفتوحة لقمة مجلس الأجندة العالمية؛ أهمية بالغة في وضع التحديات البيئية التي تواجهها المدن على طاولة النقاش، فاليوم يعيش نصف سكان العالم في المناطق الحضرية التي تستلزم على الدوام توفير إدارة فاعلة ومستديمة لقضايا المياه والطاقة والنفايات وجودة الهواء. وفي ظل تنامٍ متسارع للاحتياجات الحضرية التي ينبغي توفيرها في المستقبل فإن تحقيق التنمية المستدامة يبدو أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.

لاشك أن التحول الذي تشهده المدن في زيادة حجمها ونزوح كثيرين من القرى إلى المناطق الحضرية، وفي ظل زيادة الطلب على الطاقة والمياه والغذاء والنقل فإن التحديات لدى صناع القرار والمخططين ينبغي لها أن توجه لمشروعات تحقق التوازن البيئي المطلوب، خصوصاً أن مدن اليوم تمثل أكثر من 70٪ من إجمالي الاستهلاك العالمي للطاقة و80٪ من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وإذا قُدّر لسكان العالم أن يصلوا إلى نحو تسعة مليارات نسمة في عام ،2030 فإن الطلب على الطاقة والمياه والغذاء سيزداد تبعاً لذلك مع توقع ازدياد معدلات التلوث والتصحر.

المدن الخضراء تعني الإنسان في المقام الأول، فالوصول إلى مدينة مستدامة تتضافر فيها مقومات التنمية البيئية والاقتصادية والاجتماعية هي إحدى قضايا الساعة، كما أن إدراك تحديات الغد ودراستها بأسلوب علمي عبر تخطيط فعال وإدارة رشيدة هو حجر الأساس في انتقالنا إلى مدن المستقبل، فالسقوط في شرك تنمية غير مدروسة العواقب على الإنسان والبيئة، هو خطر كبير إن لم ندفع ثمنه اليوم ستدفع الأجيال المقبلة ثمنه غالياً.

إن تطبيق مفاهيم المدينة الخضراء هو هدف رئيس لمدننا اليوم، فلقد قطعنا شوطاً كبيراً في تحقيق انجازات متميزة في الوقت الراهن من إطلاق معايير البناء الأخضر، وتشجيع النقل المستدام عبر الحافلات والمترو، وزيادة الرقعة الخضراء في مناطق مختلفة من الدولة، علاوة على مبادرة مدينة «مصدر» التي تمثل نموذجاً رائداً للمدينة الخضراء الخالية من انبعاثات الكربون.

توافر الحلول والتقنيات الهندسية والفنية للتحول إلى مدن مستدامة، ليس وحده كفيلاً بتحقيق ذلك، بل ينبغي معه تغيير أنماط المعيشة وطرق الحياة بحيث تتواكب مع سلوكٍ يُراعي الاعتبارات البيئية في المقام الأول، فلا استنزاف مفرط لمواردنا الطبيعية أو هدر للطاقة أو إسراف في استهلاك المياه أو زيادة في إنتاج نفايات الفرد، كل ذلك من شأنه أن يلعب دوراً فاعلاً في تحقيق الاستدامة المرجوة. فالوعي بهذه القضية المفصلية ركن أساسي عبر إدراك مجتمعي مسؤول لن يتحقق إلا بتضافر الجهود نحو مدينة تعيش اليوم بفكر المستقبل.. مدينة تحقق أحلامك وتطلعات أبنائك.

 hkshaer@dm.gov.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر