5 دقائق
مدونة سلوك هندية
تستضيف الهند في الفترة من 3 - 14 أكتوبر المقبل دورة ألعاب الكومنولث، وبهذه المناسبة أصدرت الحكومة الهندية قائمة بالممنوعات وقواعد الـ«إتيكيت» التي يجب التقيد بها خلال المشاركة، علماً بأنها لم تقدم أية تنازلات تمس ثقافتها في مقابل استضافة الدورة، كما وزعت شركات الطيران على الراغبين في حضور فعاليات الألعاب مدونة سلوك واجبة الاحترام من قبل الجميع، فقد اشترطت هذه المدونة أن يلتزم الجميع بزي محتشم وبسيط يراعي الذائقة الهندية التي ترفض العري والتكلف في الملبس، إضافة إلى احترام القيم الهندية التي لا تقبل إظهار المشاعر أمام الآخرين كما يحدث في دول الغرب، ناهيك عن الإصرار على احترام التقاليد الهندية في حال زيارة أي منزل هندي بضرورة خلع الحذاء عند الدخول، ولدى زيارة الأماكن المقدسة لديهم فعلى النساء تغطية رؤوسهن، كما يحظر مناقشة الأمور الدينية على جميع المستويات.
هذه الشروط تعكس ثقة الهندي بنفسه واحترامه لثقافته لدرجة أنه يصر على تعريفها لكل زائر لبلاده حتى لو كان سائحاً ويشكل وجوده منفعة اقتصادية ومحفزة للسوق، فلم يتساهل الهنود في التفريط في اعتبارات ثقافية أصيلة للغرب الذي تعود الكثير فيه على النظرة الفوقية للعديد من شعوب دول العالم النامية والاستخفاف بقيم وعادات لمجرد أنها لا تتوافق مع أمزجتهم.
الشروط التي فرضتها الهند أتت من الحكومة ذاتها، فالحكومة حريصة على تحقيق التوازن المطلوب من استضافة حدث عالمي مع عدم التفريط في أسلوب حياة معتاد لديهم يجب أن يظل راسخاً دون ازدراء أو تشوهات، وكذلك دون ادعاء بأن التحضر يعني أن ترضى بكل ما يأتي من الخارج، علماً بأن هذه الشروط لم تجد من يعترض عليها بل إن هناك اتفاقاً تاماً على كونها تعبر عن أصالة المكان وأهله.
التحضر لا يعني البتة القبول بأي شيء أو التنازل عن الهوية أو اللغة أو الثقافة، إنها فرصة التوازنات التي يفرضها المنطق والمصلحة في الوقت ذاته، فلا يجب للمصلحة أن تطغى وتلغي ثقافة المكان وتراث أهله، أو الادعاء بما ليس أصيلاً أو حتى تقديم تنازلات دون وعي بتداعيات مثل هذه التنازلات على الحاضر والمستقبل.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .