الكندورة مصدر فخر

سلطان سعود القاسمي

تُعد العادات والتقاليد من ضمن ضحايا موجات العولمة التي اجتاحت العالم في العقود القليلة الماضية.

ولكن عدداً من المناطق في العالم تمكن من الحفاظ على موروثه الحضاري، ومن ضمنه الزي التقليدي لتلك البلدان، مثل جنوب آسيا حيث لايزالون يرتدون الساري والسروال والقميص حتى في المدن الكبيرة، أو في غرب إفريقيا حيث نرى القفطان بألوانه الزاهية، وطبعاً دول الخليج التي حافظ أبناؤها على زيهم الرسمي الكندورة، أو الدشداشة، بالإضافة إلى العباية النسائية.

في شهر رمضان الماضي دعوت إحدى الأخوات المسلمات العربيات، تعمل صحافية، لتناول الإفطار مع مجموعة منا، فكان جوابها «سوف آتي إن لم تكونوا ترتدون الكندورة»، ظننتها تمزح حتى قالت إن امرأة أخبرتها بأنها تشبه فتيات الليل حينما تُشاهَد مع إماراتيين في الأماكن العامة وهم يرتدون الكندورة! وتقوم الجهات الرسمية بفرض قيود على دخول من يرتدي الزي العربي بعض الأماكن كالحانات، وقد يفهم ذلك من بعض الأجانب بأنه تقليل من شأن الكندورة لا العكس. وتم توظيف ذلك القانون من قبل بعض المطاعم لمنع إماراتيين في السابق من الدخول بزيهم الرسمي حتى أصدر المدير التنفيذي لقطاع الرقابة التجارية وحماية المستهلك في دائرة التنمية الاقتصادية في دبي، محمد هلال المروشدي، عام 2007 تحذيراً لإحدى المؤسسات حين منعت مواطناً من دخول مطعم بسبب ارتدائه الكندورة التي يسمح القانون بدخول مرتديها حيث تقدم الوجبات. ونرى اليوم الشباب الخليجي يرتدون البنطال أحياناً بعد ساعات الدوام الرسمي، وتقوم الأخوات في الخليج، من دمج الحضارتين الغربية والعربية، بارتداء بعضهن الجينز وفوقه العباية. وقالت لي الأخت الصحافية إن من اتهمتها بالتشبه بتلك الصفة كانت فتاة إماراتية. فهل حقاً تنظر الإماراتية إلى من يرتدي الكندورة بصحبة امرأة لا ترتدي العباية على أنها من بنات الهوى؟ تقول لي الباحثة الإماراتية هدى سجواني إن من يفعل ذلك انما يعكس مشاعر عدم الاستقرار الداخلي لديهم، وإن الإعلام لعب دوراً عبر المسلسلات.

وتقول الأخت هدى إننا بحاجة إلى أن يتحدث الإماراتي بزيه الرسمي في منتديات عامة إلى عدد أكبر من الأجانب لكسر المعتقدات السلبية تلك. وقال لي وائل الصايغ، وهو متخصص في الشؤون الثقافية، إن من تحرم نفسها من التحدث مع شريحة هي الأهم في الدولة ستكون تجربتها في الإمارات ضيقة ومحدودة. ويقول وائل إن بعض الأفراد لديهم مشاعر الكبت نفسها والامتناع من التحدث مع من يرتدي «البدلة» الغربية بسبب تجربة دَين أو قرض سيئة. ويقترح وائل بأن يقوم من لديه مشاعر نفسية كتلك بالحديث مع أخصائي نفسي للتغلب عليها.

وأخيراً يتفق وائل أن منع ارتداء الكندورة احتراماً للعادات والتقاليد وحتى لأسباب وقائية، مثل مواقع الإنشاء وبعض الرياضات، له تبريراته. بالنسبة لي الشخص الذي يرتدي زيه الرسمي المتوارث أباً عن جد، هو شخص فخور بماضيه معتز بحضارته، ولا يحق لأحد أن يسلق اتهامات باطلة تمتد من سوء فهم أو عنصرية له.

وتلك التعليقات تعكس جهل الفتاة الإماراتية وينعكس سلباً أيضاً على الصحافية التي أخذت بكلام الفتاة تلك على محمل الجد، وأرسلت لي رسالة عبر الهاتف تقول إنه لا مانع لديها من اللقاء معنا حينما لا نرتدي الكندورة. لا، شكراً يا أختي الكريمة.

زميل غير مقيم في كلية دبي للإدارة الحكومية

تويتر