5 دقائق

التعليم بوسائط معلوماتية

حمدان الشاعر

انتقل التعلّم من مرحلة المحاكاة إلى الحفظ والتلقين، ثم إلى مرحلته الحالية من تعليم نظامي له شكله الرسمي المتعارف عليه، والذي ارتبط بشخص واحد هو المعلم، ومكان واحد هو الفصل، ولأن السمة الثابتة للحياة هي التغير، فإن تعليم اليوم ينحى إلى تغيير كثير من المفاهيم والأفكار والأنظمة المستخدمة في العملية التعليمية، فصار الفصل التعليمي يعتمد على الوسائط التقنية المتعددة، أو تلك التي تعمل على شبكة الإنترنت، مانحاً التعليم فرصة حقيقية لتطوير محتواه إلى عالم أفضل. لقد صار بالإمكان ـ في فصول المستقبل ـ مشاهدة ومناقشة علوم متنوعة على الشاشة نفسها، أو الدخول إلى قاعدة واسعة من المصادر، خصوصا أن الأبحاث أثبتت زيادة إقبال الطلبة على التعلم عند وجودهم في بيئة تعليمية محفزة، تستخدم تكنولوجيا متقدمة تتواصل فيها مع إدراكاتهم السمعية والمرئية، عوضاً عن التخيل أو التخمين.

يشتكي كثيرون أن بيئتنا التعليمية ينقصها الكثير، فهناك أبنية تحتاج إلى صيانة، وهناك فصول مكتظة، وهناك مناهج قديمة.. الخ، ولكنها ـ إن كانت واقعية ـ فإنها أمور يجب ألا تكون حجر عثرة لقضية صناعة الأجيال عبر تبني التكنولوجيا والوسائط المعلوماتية المتطورة. نحن هنا نحتاج إلى أن تكون لدينا فصول تعليمية حديثة، تسمح للعلم بأن يأتي سلساً عبر أجهزة ووسائط تعزز المعلومة لدى الطالب، وتزيد من استيعابه المادة، بل ويزداد شغفاً بالمدرسة حين يتاح له في حصة الجغرافيا مثلاً أن يرى الغابات المطيرة، وتضاريس البلدان، وتغيرات المناخ في برنامج ثلاثي الأبعاد، أو أن يرى في حصة العلوم أجهزة الجسم البشري وتفاصيله، عبر طريقة مصورة ومبتكرة.

نحتاج حقيقةً إلى مشروع وطني يفترض به أن يكون مشروعاً استراتيجياً نسعى إلى إنجازه لمستقبل أجيال الغد، فالعملية التعليمية المعتمدة على طرق تقليدية لم تعد ذات جدوى لتواكب سباق العصر، كأننا أصبحنا جميعاً ندور في حلقة مفرغة دون إنجاز نوعي نجني ثماره ولو بعد حين، مشروعنا يجب أن يشتمل على قفزة نوعية في الفصل الدراسي، تغير العديد من المفاهيم، وتعزز تعلق الطالب بمدرسته وتشغله بملاحقة أسباب التعلم، بدلاً من الضياع في دوامة الحفظ والنسيان والواجبات التي لا تأتي بطائل.

مشروعنا الذي يتبنى الوسائط المعلوماتية ركناً أساسياً في تطوير العملية التعليمية، لا شك سيضمن لأجيالنا مستقبلاً واعداً بمخرجات تنعكس على عالم يتسع لكل المجالات. وأزعم أنه ليس مستحيلاً بقدر ما هي الإرادة وتضافر الجهود، كي يكون هدفنا حاسوباً شخصياً لكل طالب في الدولة، حتى نكون واحدة من أكثر الدول معرفة ونجاحاً، وإذا كنا نسعى إلى أن نكون إحدى أكثر الدول تقدماً في عام ،2021 وفق رؤيتنا الاستراتيجية الوطنية، فعلينا أن نبدأ بهؤلاء الصغار، لكي يكون الجنى يافعا، وأشد خضرةً، وأكثر عطاء بالتأكيد.

hkshaer@dm.gov.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .
 

تويتر