انتخابات للمجالس البلدية

سلطان سعود القاسمي

تمثل تجربة المجلس الوطني الحالية للعديد من الإماراتيين تجربة لا ترتقي إلى المستوى المطلوب، ولكن لا ينبغي أن ندع التجربة تلك تثنينا عن المضي قدماً في مسار المشاركة الشعبية، الذي كرسه لنا رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد عام .2006 فبعد أربع سنوات من انتخابات المجلس الوطني لايزال الإماراتي يشعر بعدم مشاركته الفعلية حتى في أصغر الأمور في محيطه المباشر، وهو الفراغ الذي توقع البعض أن يملأه المجلس الوطني. وقد تكون هناك طريقة أخرى لملء فراغ المشاركة عند المواطنين، وهو عبر مشاركتهم في انتخابات مجالس البلدية كي يعملوا بأنفسهم على تحسين أوضاع دوائرهم الانتخابية.

فدور المجالس البلدية في الإمارات لا يختلف عن دورها في بقية دول العالم. فبحسب نص قانون أصدره رئيس الدولة عام ،2006 حين تم إنشاء مجلس بلدية للمنطقة الغربية، يعتبر المجلس البلدي صانع القرار الرئيس للبلدية، ويتولى تشريع أعمالها وإنشاء كل اللجان الضرورية لتسهيل هذه الأعمال، ويختص المجلس بكل ما من شأنه الارتقاء بمستوى تقديم الخدمات من البنية التحتية إلى تقديم الخدمات العامة.

توجد المجالس البلدية في امارات الدولة التي تتعدد فيها المدن وتبعد فيها المسافات. مثلاً في الشارقة يوجد مجلس بلدي للعاصمة بالإضافة إلى مجلسين في كلباء وخورفكان. وفي أبوظبي تمت إضافة مجلس بلدي للمنطقة الغربية عام 2006 لمجلس العاصمة ومجلس مدينة العين. وتضم المنطقة الغربية التي تصل مساحتها إلى 60 ألف كيلومتر مربع مدينة زايد، والرويس، وواحة ليوا، وجزيرة دلما، ويتكون المجلس البلدي بها من 16 عضواً من بينهم ستة على الأقل من المقيمين في مدن المنطقة الغربية.

بالإضافة إلى المجالس البلدية يوجد في الإمارات مجالس تنفيذية ومجالس شورى ولكن أهمية المجالس البلدية تبينت في صيف ،2007 حينما وصل إعصار جونو إلى سواحل سلطنة عمان ومدن الإمارات الواقعة على بحر العرب، وقام رئيس المجلس البلدي لمدينة كلباء الدكتور محمد الصاحي، بتشكيل لجنة طوارئ تضم أفراداً من المجتمع من مسؤولياتها إجلاء المتضررين وتوزيع المساعدات المالية من رئيس الدولة وحاكم الشارقة.

فالجائزة الكبرى، في مجتمع قبلي تأثر كثيراً بالتمدن السريع مثل الإمارات، تكمن في نظري في تفعيل المشاركة من قبل المواطن الذي يعتبر حتى الآن مثل الجمهور في مباراة كرة قدم يأمل ويتفاعل مع الحدث، ولكن لا يشارك به. في الحقيقة يجهل اليوم الكثير من الإماراتيين حتى وجود تلك المجالس البلدية التي إن تم تفعيلها عبر تمثيلهم سيتم توجيه الجهود إلى تحسين اوضاعهم وزيادة اهتمامهم بالبيئة المحيطة كالتلوث والبنية التحتية ومسؤوليات الفرد تجاه المجتمع.

ويعتبر دور المجالس البلدية محورياً في ترسيخ المسؤولية الاجتماعية للأفراد، ففي الاتحاد الأوروبي يستطيع مواطنو أي دولة من أعضاء الاتحاد المشاركة في انتخابات المجالس البلدية عبر التصويت في الدوائر التي يقطنونها. ونستطيع تطبيق النظام نفسه لمواطني الدولة، وأن نبدأ بأسلوب متأنٍ لانتخاب عدد محدد من المقاعد البلدية، وتتم زيادتها بحسب رؤية الحكومات المحلية لمدى نجاح التجربة.

انتخابات للمجالس البلدية قد تكون خطوة لتحويل الطاقات الهائلة التي يتمتع بها المواطنون الشباب، من أمور ثانوية، إلى مسؤوليات مدنية واجتماعية نحن في أمسّ الحاجة إليها للحفاظ على نسيج المجتمع في بلدنا الغالي

 

زميل غير مقيم

في كلية دبي للإدارة الحكومية

تويتر