إماراتيون مخلوطون بالدم ليس بالولاء
في رحلة قمت بها إلى الولايات المتحدة التقيت على متن الطائرة مع بعض الإماراتيين، ومن بينهم أسرة من الأسر المعروفة في الإمارات. عند وصولنا بعد رحلة استغرقت 14 ساعة اتجهنا إلى نوافذ الهجرة ولاحظت أن أفراد تلك الأسرة الكريمة اتجهوا إلى الطابور المخصص لحاملي الجوازات الأميركية ولسذاجتي كدت أن أنادي عليهم لأنبههم بغلطتهم، ولكني ترددت وكان حدسي صحيحاً، كانوا يحملون جوازات أميركية بالإضافة إلى الإماراتية. حين أروي تلك الحكاية لأصدقائي يقولون لي إنه لابد أن تكون والدتهم أميركية، وهذا غير صحيح فهي إماراتية 100٪، بل تعمل في القطاع الحكومي. تذكرت كل ذلك حينما قرأت تصريحات رئيس قسم الإفتاء بدائرة أوقاف دبي الدكتور أحمد بن عبدالعزيز الحداد، حول ظاهرة الزيجات المختلطة في الدولة. فلا يشترط أن يكون الشخص إماراتياً من ناحيتي الأب والأم لكي يظهر حبه وإخلاصه للوطن.
في الحقيقة هناك عدد كبير من الإماراتيين الذين ولدوا من زيجات مختلطة، سواء خليجية أو عربية أو أجنبية، قدموا الكثير للوطن الغالي، وهنا تستوجب وقفة، من بينهم المخرج الإماراتي علي مصطفى، الذي أنتج فيلم دبي دار الحي، الذي يحاكي أموراً، منها أهمية الترابط الأسري واحترام الكبير في المجتمع الإماراتي، بالإضافة إلى أمور يعتبرها البعض «تابو». وقد شوهد الفيلم في الخليج وكندا وأستراليا، وقريباً سيعرض في الولايات المتحدة.
السفيران المحترفان عمر سيف غباش ويوسف مانع العتيبة اللذان يمثلان الدولة في موسكو وواشنطن على التوالي. قام عمر، الذي يتحدث ست لغات بالمساهمة في جلب جامعة نيويورك العريقة إلى الإمارات، وبذل يوسف في السنتين الماضيتين الكثير من الجهد للتوصل إلى معاهدة الطاقة النووية السلمية بين الإمارات وأميركا.
خلدون خليفة المبارك والآنسة رزان المبارك ابنا السفير خليفة المبارك، الذي أعطى حياته خدمة للوطن، مثل السفير سيف غباش رحمهما الله. خلدون اليوم هو الرئيس التنفيذي في شركة مبادلة للتنمية، وعضو في المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، ويترأس جهاز الشؤون التنفيذية في حكومة أبوظبي. وتقوم الآنسة رزان المدير العام لجمعية الإمارات للحياة الفطرية، بالترويج لتطبيق أساليب حياة مستدامة في الإمارات تحمي بيئتنا البرية والبحرية.
وليد المقرب الرئيس التشغيلي في شركة مبادلة للتنمية، والمدير العام في مجلس أبوظبي للتطوير الاقتصادي، أسهم أيضاً في كتابة رؤية أبوظبي 2030 من بين نشاطات كثيرة أخرى. وائل الصايغ شاب إماراتي نشط في مجال شرح الثقافة الإماراتية للعديد من الشركات الأجنبية ووسائل الإعلام الدوليه. الآنسة المواطنة سارة شو، التي تنحدر من أم إماراتية وأب بريطاني مجتهدة في مجال توطين الوظائف للإماراتيين، إذ تعمل في الأمانة العامة للمجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي؛ وغيرهم كثيرون الذين لهم أمهات من خارج الدولة، وخدموا الوطن بجهد واجتهاد. في الحقيقة الإمارات دولة أغنى بوجود هؤلاء، كما هي أغنى بجميع مواطنيها. كيف لنا في دولة الإمارات التي ترحب بالغرباء من شتى بقاع الأرض أن نرضى بأن تلصق كلمات سلبية بأبناء وطننا، أو أن يشكك البعض في وطنيتهم، كما فعل البعض في أعقاب تصريحات الدكتور الحداد. يجب علينا أن نقوي صلة الإماراتيين بوطنهم، بغض النظر عن أي أمور أخرى، عبر تثقيفهم بعادات وتقاليد الإمارات، التطوع المدني وحتى الخدمة في الجيش للمراهقين ما بعد الثانوية، كما اقترحت في السابق. التفكير الإيجابي دائماً أفضل من السلبي، وفي النهاية ديننا الحنيف يمنعنا من التفريق بين بعضنا بعضاً.
زميل غير مقيم في كلية دبي للإدارة الحكومية
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .