رؤية
المسؤوليات الاجتماعية للأغنياء
كل رمضان والجميع بصحة وعافية.. جاء شهر رمضان يحمل في طياته العبر، والحكم، والدروس، والفرص، لعل الأغنياء والفقراء يستفيدون منها، خصوصاً بعض الأغنياء الذين يشكل هذا الشهر الفضيل فرصة لهم للتعافي من أمراضهم النفسية والعضوية المستفحلة في أجسادهم، وقلوبهم، وعقولهم في بعض الأحيان.
ما من مجلس أو لقاء يجمع الأغنياء إلا وحديث الصحة والمرض يأخذ مساحة كبيرة من وقتهم، وحبوب السكر والضغط والقلب والتوتر والأعصاب والقلق والنوم لا تفارق جيوبهم، إذ يتعاطونها، ويدمنون عليها، ربما لأنها السر في بقائهم على قيد الحياة!
فلم يعد المال يجلب لهم الصحة، ولم يعد الجاه، والمنصب، والسمعة، والمركز الاجتماعي يعيد إليهم الاستقرار النفسي والاجتماعي، وبقدر ما يُعلن عن عدد أثرياء الإمارات كل عام، فإن أعداد الفقراء تتضاعف أيضاً في الإمارات، لأن الأغنياء يلهثون لتضخيم مدخراتهم، وودائعهم، وأصولهم، ورؤوس أموالهم، وعقاراتهم، وشركاتهم، اعتقاداً منهم بأن هذا المال يخلدهم، أو يجلب لهم احترام الناس، ويمنحهم صحة وعافية، ويّمن عليهم بالاستقرار النفسي والاجتماعي.
الفقراء أيضاً يلهثون، لأنهم يبحثون عن لقمة عيش صعبة يجدونها مغموسة في عرق وتعب، وهم يخشون المستقبل، ويخافون من الأغنياء، ومن الزمن الصعب، بعد أن أصبحت حياتهم أكثر صعوبة وتكلفة، في ظل ارتفاع الأسعار، وتراجع الفرص، وتزايد أعباء المعيشة!
يبدو أن الحوار بين أغنياء الإمارات وفقرائها مقطوع، إذ لا لغة تجمعهم، ولا أهداف مشتركة يعترف بها طرف الأغنياء، ولا مشروعات تنمية يعمل فيها الطرفان ويستفيد منها الفقراء، فلا الفقراء يفقهون مفردات لغة الأغنياء، ولا الأغنياء يمدون يد العون والمساعدة للفقراء، لإخراجهم من محيطهم، على الرغم من إدراكهم حقيقة الوضع الذي يكابدونه!
فهل يدرك الأغنياء الذين تتضخم أرصدتهم، ورؤوس أموالهم، مسؤوليتهم الاجتماعية والأخلاقية تجاه أفراد المجتمع، لاسيما الفقراء منهم؟! وهل يستوعب الأغنياء فلسفة رمضان ورسالته؟! هل يدرك الأغنياء أن هناك حقوقاً لأفرد المجتمع يجب أن يلتزموا بها، وأن هناك واجبات أخلاقية يجب أن يقدموها لمجتمعهم ووطنهم؟!
هل يعي الأغنياء أن المال الذي بحوزتهم ليس ملكاً لهم، ولن يخلدهم، أو يجلب لهم السعادة، ويمنحهم صحة وعافية كما يعتقدون، كما أنه لن يحترمهم الناس أو يقدروهم، إلا إذا اعترفوا بحقوق المجتمع عليهم. فمتى يدرك الأغنياء أن مساعدة الفقراء فريضة ومسؤولية اجتماعية؟
قال الله تعالى: {وَالذِينَ يَكنِزُونَ الذهَبَ وَالفِضةَ وَلاَ يُنفِقونَهَا فىِ سَبِيل اللهِ فَبَشرهُم بِعَذابٍ أَليِمٍ «34» يَومَ يُحمَى عَلَيهاَ فيِ نَارِ جَهَنمَ، فَتُكوَى بِهَا جِبَاهُهُم وَجُنُوبُهُم وظُهُورُهُم، هَذَا ماَ كَنَزتُم لأِنفُسَكُم فَذُوقُواْ مَا كُنتُم تَكنِزوُن}.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه