رؤية

تجديد الموظفين وتحديث الوظائف!

نجيب الشامسي

إن تحديث الوظائف وتطويرها أمر مرغوب فيه ومطلب أساسي في سياسة التحديث، ومواكبة العصرنة، لزيادة الإنتاجية في وزاراتنا ومؤسساتنا ودوائرنا وشركاتنا، وهذا يستلزم تجديد الموظفين وتغييرهم متى ما تطلب ذلك، أو تأهيلهم وتدريبهم على النماذج الإدارية وأسس وأطر الإنتاجية الحديثة!

شهد العقد الماضي نقلة سريعة وكبيرة في سياسة التغيير والتجديد في المناصب القيادية في وزاراتنا ومؤسساتنا الحكومية، بقصد التطوير والتحديث وزيادة الإنتاجية، مواكبة لما يحدث في العالم، ولسنا ضد المنهجية، لكن يجدر بنا هنا، وبعد عقد من الزمان، أن نقّيم هذه المرحلة من حيث النجاح، لنعمل على تأكيد أسبابه ودوافعه وعوامله، وأن نحدد أسباب الفشل وتداعياته وانعكاساته، لنعمل على معالجتها.

جاء مسؤول وخرج آخر، وكل مسؤول يأتي بأجندته وخبرائه ورؤيته، ويطالب بتجنيد جيش من الموظفين، ورصد مئات الملايين، والنتيجة هدر للمال العام، وتفشٍ للبطالة المقنعة، وإضاعة للوقت والجهد، وما تلك الرؤى أو الأفكار إلا بقصد التسويق لذات المسؤول وصناعة هالة إعلامية على شخصه ومن معه، وتشغيل من لا عمل لهم!

مسؤول يخرج لأنه فشل في تحقيق أو تنفيذ أجندته «الوطنية»، ولا بأس بهدره المال العام وتحقيق أجندته الخاصة، ربما يذهب ليحمل حقيبة أخرى، ربما يعوض فشله في تنفيذ أجندة «وطنية» جديدة بمال جديد، وفريق جديد من الخبراء ينفق عليهم الكثير، ويدفع لهم ما لا يحلمون به، ولا بأس بتهميش أهل الخبرة والدراية والحس الوطني من أبناء الدولة، ربما لأنهم لا يفقهون فلسفة المسؤول الجديد، ولا يؤمنون بتجديد الموظفين ولا يستوعبون فكر الخبراء والمستشارين من ذوي الياقات البيضاء والبدلات السوداء! وبين هذا وذاك تضيع المسؤولية، ويعم التخريب، ويتراجع التحديث والتجديد في الهياكل الإدارية والوظيفية، ويتفشى الفساد، وترتفع وتيرة النهب، بما في ذلك سرقة الصالح العام من وقت وجهد ومال، وتصبح هيئاتنا ووزاراتنا وشركاتنا ودوائرنا نهباً مستباحاً من أبناء الوطن وغيرهم من خبراء ومستشارين وموظفين، والكل يغطي على الآخر، طالما الكل على الطريق سائرون ومن المال العام ينهبون، بما في ذلك انصراف البعض إلى أعماله الخاصة، وتجيير الوقت والموظفين لمصلحة أهدافه الذاتية، ربما لأن ذلك أقل درجات الفساد وسرقة المال العام.

لماذا لم يحدث ذلك من قبل؟! لماذا لم نسمع عن مسؤول نهب وموظف تجاوز؟! ولماذا لم نسمع عن فساد ونهب للمال العام؟! لماذا يحدث هذا الآن في ظل ما نسمعه من رؤى واستراتيجيات وخطط للتغيير والتحديث في الهياكل والحكومات الإلكترونية والخبرات الأجنبية؟! نعم نحن مع التجديد والتحديث، لكن لم ولن نكون قط مع التخريب والتهميش والتحجيم ونهب المال العام بحجة التحديث والتجديد، فلا نامت أعين الجبناء!

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .  

تويتر