المثقفون السعوديون في الإمارات

سلطان سعود القاسمي

ينظر إلى دول الخليج على أنها مجتمعات يكمل بعضها بعضاً، ولكن أصبحت بيئة الإمارات خصوصاً تجذب نسبةً كبيرة من المثقفين والإعلاميين الخليجيين، والسعوديين على وجه التحديد الذين ينظرون إليها كنقطة التقاء بين حضارات الشرق والغرب.

مثلاً حينما عين الشيخ وليد الإبراهيم الصحافي عبدالرحمن الراشد مديراً لقناة العربية في دبي كان يشغل منصب محرر جريدة «الشرق الأوسط» اللندنية التي كانت في أفضل مستويات أدائها تحت إدارته، ومازال الراشد يكتب عموده المتابع من قبل الكثيرين في أوروبا والولايات المتحدة في الجريدة. أيضاً الكاتب السعودي الدكتور سليمان الهتلان تم تعيينه مديراً تنفيذياً للمنتدى الاستراتيجي العربي الذي يعتبر بمثابة «دافوس» للتنمية البشرية، وأطلق خلاله تقرير المعرفة العربي للعام .2009

ومع أنه ينظر إلى قناة الحرة الأميركية كقناة فشلت في هدفها إلا أنها تحتوي على برنامجين حواريين قد يكونان من أهم ما يبث على شاشات التلفاز، أولهما هو برنامج «حديث الخليج» الذي يقدمه الدكتور الهتلان نفسه ويستضيف فيه شخصيات ثقافية ومثيرة للجدل، والبرنامج الآخر هو «مساواة»، تقديم السعودية نادين البدير الذي يحاكي حقوق المرأة العربية والخليجية.

ويعد المقدم السعودي تركي الدخيل من الوجوه المألوفة لدى الشباب الخليجي بسبب برنامجه الحواري الأسبوعي «إضاءات» على قناة العربية. وكان الدخيل قبل ذلك مقدماً لبرنامج إذاعي ناجح جداً في جدة يشتكي من خلاله المواطن السعودي همومه، قبل أن ينتقل إلى الإمارات، إذ يقال إن العاهل السعودي كان من بين المستمعين لذلك البرنامج. ومع أنه لم يعلن بعد رسمياً لكنني أتوقع أن يتم إنشاء قناة «فوكس نيوز» العربية الجديدة التي تم الإعلان عنها أخيراً في دولة الإمارات. فكان الأمير الوليد بن طلال، وهو داعم القناة قد التقى مع رئيس الشركة القابضة لـ«فوكس نيوز» روبرت ميردوك في أبوظبي في مارس الماضي، وكان قد أعلن ميردوك أن العاصمة الإماراتية ستكون مركزاً إقليمياً لجميع مؤسساته الإعلامية، وسيدير القناة الإعلامي السعودي المتمرس جمال خاشقجي الذي كان يشغل محرر جريدة «الوطن» السعودية المرموقة.

أيضاً من الإخوة السعوديين المقيمين في الإمارات الكاتب والمفكر منصور النقيدان، وفي كلية دبي للإدارة الحكومية نجد الدكتورة مي الدباغ الباحثة في مجال النوع الاجتماعي والسياسات العامة، والدكتور خالد اليحيى الخبير في الإدارة والتنمية الدولية. وكان إلى زمن قريب الصحافي السعودي البارز داوود الشريان مقدماً لبرنامج «المقال» على قناة دبي، والدكتور إسماعيل محمد البشري مدير جامعة الشارقة الذي عينه العاهل السعودي عضواً في مجلس الشورى.

والذي يميز تجربة هؤلاء الإخوة السعوديين في الإمارات أنه تم تلقيهم بحفاوة ليس فقط من قبل المواطن والمجتمع الإماراتي، ولكن أيضاً من قبل المسؤولين في الدولة. فليس مستغرباً أن تراهم في مجالس الشيوخ والمثقفين والوزراء ورجال الأعمال الإماراتيين الذين يقدرون فيهم حبهم للعلم وثقافتهم الواسعة. وفي الحقيقة لقد أثروا بوجودهم المجتمع الإماراتي ثقافياً كما أثروا به. أتاحت لهم ولغيرهم الإمارات منصة للبحث والعمل والعلم في بيئة تنافسية يرتقي فيها المجتهد من دون اعتبارات أخرى. وتلك هي دولتنا الحبيبة، تفتح أبوابها لكل مثقف من الدول الشقيقة والصديقة.

❊ زميل غير مقيم

في كلية دبي للإدارة الحكومية

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجي النقر على إسمه

تويتر