5 دقائق

مشروعات صغيرة.. أحلام كبيرة

حمدان الشاعر

تعد المشروعات الصغيرة والمتوسطة ذات أهمية حيوية في العديد من دول العالم النامية والمتقدمة على حد سواء، وينظر إليها باهتمام مميز حيث أنشئت وزارات خاصة للعناية بهذا النوع من الأنشطة الاقتصادية، وذلك لما تمثله المشروعات المتوسطة والصغيرة من فرص سانحة لتطوير القدرات الوطنية وتشغيل الأيدي العاملة وتعزيز إمكانات القطاع الخاص بفرص واعدة، بعيداً عن دهاليز وأعباء الوظائف العامة. ولهذا الغرض أنشأت الدولة صناديق ومؤسسات تهتم بتمويل هذه المشروعات، عبر جهات حكومية ومؤسسات مصرفية، إذ يتقدم الشاب بدراسة الجدوى للحصول على التمويل المطلوب للمشروع على هيئة قرض ذي سداد طويل، إلا أن المتطلبات التي تطلبها الجهات الممولة تكاد تكون تعجيزية ومضنية وطاردة للكثيرين، مع العلم بأن التمويل هذا يظل قرضاً واجب السداد وليس منحة أو هبة، كما أنه وفي أحيان كثيرة يكون خاضعاً لسياسة قائمة على المزاجية السطحية أو المعارف والنفوذ أو شبكة العلاقات، للوصول إلى صاحب القرار في منح الموافقة اللازمة ثم أخذ القرض كله أو نصفه أو جزء منه، بغض النظر عن رأس المال الحقيقي والضروري لقيام المشروع.

تكمن الإشكالية في أن سياسات التمويل في كثير من مؤسسات وجهات إقراض المشروعات الصغيرة والمتوسطة لا تكون قائمة على أساس اقتصادي أو اجتماعي يُراعي أهمية إنجاح عناصر المشروع ومكوناته وأغراضه كافة، وأهمية الدور الذي يؤديه في المجتمع، ولأن الأمر كذلك غير قائم على أساس مؤسسي فإن الواسطة والمحسوبية تلعبان دوراً لا يمكن الاستهانة به، وهنا ينتفي الدور الحقيقي لمثل هذه المؤسسات الممولة، فالنجاح في المشروع تقتله الواسطة، والإبداع يقتله زمن الانتظار، والأمل يتلاشى بكثرة الطلبات والأوراق والوثائق والمستندات غير المبررة والتي تؤدي إلى الانسحاب من المشروع وترك الفكرة برمتها.

عندما يصبح القرض إذلالا، لا يُتوخى أي نجاح وعندما يضيع الشاب في دوامة من الإذلال الذي يواجهه كي يتحصل على حق من حقوق كفلتها الدولة وآمنت بها ركيزة مهمة ومؤثرة لنجاح هذه النوعية من المشروعات، فإن الأمر لا ينبغي السكوت عنه، فتمويل هذه المشروعات ليس ترفاً بل حاجة اقتصادية ملحة ذات بعد إنساني واجتماعي وإبداعي لأبناء الوطن، يجب الاعتناء بها وتقديرها وتكريس الجهود لدراسة معوقات النجاح فيها، وأهمها دراسة أوضاع المؤسسات القائمة على هذه المشروعات والسياسات التي تمارس فيها.

في الدول المتقدمة لا تعطل الأموال في الصناديق، بل يبحث القائمون عليها عن أصحاب المواهب والأفكار الجديدة، ويقومون بإجراء الدراسات الضرورية عوضاً عنهم ثم منحهم التمويل المطلوب بلا مساومة أو منّة.. وهذا ما يجب أن يكون.. وعكس ما هو كائن لدينا.

hkshaer@dm.gov.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر