5 دقائق

مدننا والعالم

حمدان الشاعر

من الجيد أن تقارن مدننا بالمدن الأخرى، فالارتقاء بجودة المعيشة وتحسين ظروف الحياة يظلان هاجساً لكثير من السياسيين والاقتصاديين ورجال الأعمال، ويظلان في الوقت ذاته مطلباً تفرضه الشعوب التواقة إلى تحسين مناخ مجتمعاتها. علاوةً على أن نوعية الحياة هي مقياس تفرضه تنافسية المدن وقدرتها على استقطاب الاستثمار وتعزيز فرص العمل. المقارنة عندما تكون بين المدن تعطي انطباعاً عن مدى التسابق في نيل رضا شعوبها ومدى قدرتها على أن تكون عنصراً جاذباً في الاقتصاد والنمو. وهناك أصوات كثيرة في العالم تطالب بوجود منظمة متحدة للمدن على غرار «الأمم المتحدة» وذلك للوصول إلى حلول لحاجات المدن وتلبية احتياجات الشعوب بعيداً عن الصراعات السياسية وغلبة القضايا المرتبطة بالحروب والعنف والخلافات.

وأن تحظى دبي وأبوظبي بمراتب متقدمة بين ترتيب المدن فهذا مؤشر جيد ولكنه غير كافٍ، جيد أن تعرف أين تقف في سلم مدن العالم وأن تعرف من سبقك وكيف سبق، ولكن نتيجته للأسف تظل غير معبرة عن طموحاتنا ونظرتنا للمستقبل، تلك النظرة التي ملؤها الطموح والأمل بمستوى أفضل وفرص عمل أكبر، فلا يكفي أن تكون الأفضل على مستوى الشرق الأوسط وإفريقيا وأنت متخلف بمراحل عن مدن كثيرة في دول العالم المتقدمة. على طموحنا أن يكون منافساً لمدن عالمية مثل «فيينا» أو «سيدني»، أو غيرهما من مدن المقدمة، فهذه مدن تميزت برفاهية شعوبها وجودة خدماتها ورقي معاييرها تجاه البيئة والصحة والتعليم والأمن.

هل ثمة عوائق تحول دون أن نكون الأفضل، وهل بالإمكان إجراء الدراسات والبحث عن أوجه القصور، ووضع استراتيجيات فعلية لتطوير نوعية الحياة في مدننا وليس الركون إلى مشروعات ورقية ترافقها معوقات أزلية؟ والأهم من هذا الإنصات لصوت الناس وتلبية مطالبهم، فلا يكفي أن يخاطب المواطن «البث المباشر» أو «الخط الساخن» حتى تصل شكواه، لابد أن تكون الحلول وفق آلية عمل ونظام مدروس يلبي احتياجات الناس ويسهم في التقليل من استيائهم.

أولوية رضا السكان فعل حضاري ودلالة على وصول هذه المدينة إلى مرتبة متقدمة من احترام الإنسان والقانون، مع توافر خدمات لا تكتفي فقط بتلبية احتياجات معيشية آنية بل تذهب إلى أبعد من ذلك عندما تضمن حياة مستدامة لأجيال مقبلة لن تشكو من تناقص الجودة مع الأيام وضياع فرص العمل والحياة فيها، والأهم من هذا الاستعداد لمواكبة الخدمات والبنية التحتية المطلوبة لمجتمع يتزايد باستمرار وتحديات تتوالى يوماً بعد آخر.

hkshaer@dm.gov.ae

 

تويتر