5 دقائق

المعرفة والإعلام

حمدان الشاعر

لم يكن حديث «أحمد زويل» قادماً من فراغ، فقد كانت الكلمة التي ألقاها في المنتدى الإعلامي المنعقد في دبي أخيراً، لها مدلولها الحقيقي في واقعنا اليومي على أكثر من صعيد، فالعلم لا يتصدر عناوين الأخبار كما هو واقع في دول العالم المتقدمة، والإعلام الذي يحدد أجندة القارئ وأولوياته في عرضه للأخبار اليومية يتجاهل تماماً إنجازات العلماء، رغم أهميتها البالغة والمؤثرة في عجلة الحياة. ولعل الكثيرين لا يعرفون حتى في أي مجال حاز «زويل» «نوبل»، وماذا كان منجزه العلمي المتفرد، الذي قدره العالم واعتبره فتحاً يستحق فيه جائزة بحجم «نوبل».

العلم والمعرفة هما محك التطور في أي مجتمع، وأن تهتم وسائل الإعلام بالمنجزات العلمية من اكتشاف واختراع وتطوير يعني أن هناك حراكاً علمياً اجتماعياً قادراً على النهوض بالبشرية نحو آفاق أرحب، وحقيقاً بتقدير منزلة العلماء ومكانتهم. فعندما يسرد «زويل» خبر إنزال مركبة على سطح كوكب المريخ، ويروي ما لقيه هذا الإنجاز من صدى علمي كبير الأثر وواسع الانتشار على صعيد الإعلام العالمي ويقارنه بصداه في العالم العربي، فإن المقارنة بيننا وبين الآخر تكون أكثر وضوحاً، لكنها في واقع الحال أشد قتامة، فهناك منجز علمي يفرض نفسه على «مانشيتات» الصحف ووكالات الأنباء ونشرات الأخبار في حين يبدو هذا مجرد خبر صغير هامشي ليس يعنينا في شيء سواء كان حاضراً أو مستقبلاً.

الأمر الآخر الجدير بالتقدير هو أن المنجز العلمي لدى الغرب - كما يفرض نفسه على الإعلام - فإن وسائل الإعلام ذاتها لديها التقدير والوعي والفهم لحجم هذا المنجز، وهو ما يغفله كثير من المشتغلين بالإعلام لدينا، بل ذهبت أخبار التسلية والترفيه المسروقة والمقتبسة تطغى على أخبار العلم والمعرفة، بحيث فرغت وسائل الإعلام من دورها الريادي في نشر المعرفة والعلوم لدى شرائح المجتمع.

فالقائم بالاتصال لدينا لابد أن يحدد أجندة الأولويات ويبدأ في احترام حقيقي للمعرفة في حتمية وجودها على ساحة الخبر اليومي، فإذا كان التحضر هدفاً رئيساً في تنمية المجتمع، فالتنمية أجدر بالبعد عن أخبار سطحية مكرورة لا تسمن ولا تغني من جوع، إنه البعد الفكري الاستراتيجي للمادة الإعلامية التي تعزز بالضرورة أولويات المجتمع، والتي لابد أن يكون العلم والمعرفة هما الرقم الأول في خطابنا الإعلامي.

فالعلم همّ إنساني عظيم له انعكاساته على كل تفاصيلنا، علينا فقط إدراك أهميته وإعطاؤه قدره، لنكون بحجم ما يشكله من ضرورة وخطورة.

hkshaer@dm.gov.ae

 

 

تويتر