‏5 دقائق‏

‏سحابة بركانية‏

حمدان الشاعر

‏حمم تثور وسحابة بركانية تلف أوروبا فتتعطل شبكة الطيران وتربض الطائرات في مدارجها دون حراك، فيعلق المسافرون في المطارات ويهرع الناس نحو الموانئ ومحطات القطارات أملاً في الوصول إلى مقاصدهم.

كأنه مشهد سينمائي لا يتكرر كثيراً، ولكنه يحدث الآن في صورة لها أكثر من دلالة وأعمق من معنى، فعلى الرغم من أن التاريخ يحفل بقصص وعبر الأولين ممن طغوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد، إلا أن الإنسان يستمر في غيّه ومكابرته وينسى تاريخ أسلافه، فالجبروت والسطوة اللتان يمارسهما الإنسان المتحضر بعلمه وتقنياته لا يكادان يعلوان إلا وتأتي الطبيعة - بقدرة الله سبحانه - بكارثة تودي بكل هذا الوهم إلى هاوية الموت أو الخسائر الفادحة.

فبعد زلازل تواترت من هايتي مروراً بتشيلي وصولاً إلى التبت، اليوم تأتي كارثة جديدة بكل معنى الكلمة حين تتحول الحمم البركانية إلى لعنة تطارد الاقتصاد الذي مازال يترنح ولم يقوَ على النهوض، وإلى لعنة تلاحق حركة الملاحة الجوية فتحاصر الطموحات والأحلام.

لن يعجز العلم عن إيجاد مخارج وحلول مؤقتة، ولكن بالتأكيد سيكون هناك ما هو أصعب وأقسى، لأنه ببساطة لا يمكن لإنسان أن يتكهن باقتراب وقوع الكارثة أو تحديد مسبباتها أو اتجاهاتها، ناهيك عن ترابط العالم وتداعي الجهات الأربع لأية كارثة حتى لو كانت واقعة في ركن قصي من العالم، فالشلل في حركات الطيران جعلت أغلبية دول العالم تدفع ثمن هذا التعطل فمئات الملايين من الدولارات تم تكبدها جراء إلغاء الرحلات وحجوزات الطيران وإقامات الفنادق وتعطل الأعمال، حتى تحول الوضع إلى انتظار سلبي وكابوس مروع يهدد ملايين البشر، لأنه من دون ساعة انتهاء أو موعد نهائي.

لم يعد الشرق بمعزل عن جنون الغرب وكوارثه، ولا الغرب بمنأى عن عذابات الشرق وهزائمه وفقره، فكلاهما تحولت العلاقة بينهما إلى ما يشبه التشابك دون وعي ودون مخرج يعزل تداعيات السوء من أن تنتشر.

لن تكون هذه الكارثة الأخيرة ولا الأصعب، ولكن ما يتحتم اليوم هو فهم الكون وإدراك أسراره والإيمان بالخالق سبحانه، فهو القادر على قلب كل الموازين والإتيان بكل ما هو مستحيل شئنا أم أبينا.

hkshaer@dm.gov.ae

 

تويتر