‏أوراق رياضية‏

‏الرياضة في خدمة السياسة‏

عماد النمر

‏- لم تعرف الرياضة منذ نشأتها فكرة الانفصال عن السياسة، رغم دعاوى العديد من الرياضيين على مر العصور بأن تنأى الرياضة بنفسها عن فلك السياسة، إلا أن الواقع العملي يجر الرياضة جراً إلى المسار السياسي، أو بالمعنى الأوضح فإن السياسة تحتضن الرياضة في كنفها تحقيقاً لمصالحها، وتطويعاً لهذا المجال العريض لتحقيق أهدافها.

ويمكن القول إن الرياضة أحد العناصر الأساسية للسياسة، ويتطرف البعض بالقول إن السياسة والرياضة وجهان لعملة واحدة، أو هما توأم ملتصقان لا يستغني أحدهما عن الآخر، بينما يؤكد البعض الآخر أنها إحدى أدوات السياسة.

ومنذ نشأت الرياضة بشكلها المعروف وهي مرتبطة بالقرار السياسي بشكل أو بآخر، فالسياسة هي التي أنشأت الدورات الرياضية المختلفة، وهي التي تمول الأنشطة الرياضية في معظم دول العالم، ولا تستطيع الرياضية أن تستغني عن الدعمين السياسي والمالي لأصحاب السلطة.

ويمكن القول إن السياسة هي الأب الشرعي للرياضة، وكثيراً ما رأينا المواقف السياسية تحرك الرياضية كما حدث في العديد من البطولات، وأشهرها على مر التاريخ الدورات الأولمبية، فقد قاطعت أميركا وحلفاؤها (43 دولة) دورة موسكو عام ،1980 اعتراضاً على الغزو السوفييتي لأفغانستان، ورد الاتحاد السوفييتي آنذاك وحلفاؤه (15 دولة) بمقاطعة دورة لوس أنجلوس عام ،1984 وهناك العديد من المقاطعات من دول ضد التجمعات الرياضة سواء العالمية أو العربية.

ورغم سعي العديد إلى فصل الرياضة عن السياسة، مثلما يسعى الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» لعدم تدخل الحكومات السياسية في عمل كرة القدم، إلا أن أرض الواقع تقول غير ذلك، فمازال أعضاء الاتحادات الرياضية يُعينون، رغم وجود انتخابات، إلا أن السلطات تتدخل بفرض رجالها في الكثير من الدول، لتحريك العمل الرياضي وفق المصالح السياسية وخدمة أهدافها.

ولا يستطيع أي اتحاد رياضي في عالمنا العربي، أن يستغني عن الدعم الحكومي، سواء المالي أو السياسي، وهذه هي النقطة الأكثر أهمية في العلاقة بين السياسة والرياضة، فالدعم المالي هو العصب الرئيس لنجاح الرياضة، وبالتالي ستظل الرياضة تسير في فلك السياسة.

وفي المقابل تسعى السياسة إلى الاستفادة من الجماهيرية العريضة والشعبية الواسعة للرياضة، فنرى القادة يشاركون في المناسبات الرياضية ويحضرون اللقاءات الأكثر أهمية، ونرى الاهتمام الكبير بالأنشطة الرياضية، وكثيراً ما رأينا ملوكاً ورؤساء وسياسيين يرتدون الزي الرياضي ويشاركون الجماهير الاهتمام بالرياضة.

ويستغل الساسة النشاط الرياضي لأشياء كثيرة، منها إنهاء الخلافات أو توحيد الصفوف، أو التعبئة العامة للجماهير، أو لاتخاذ مواقف معينة تبعاً لأهداف سياسية محددة، كما حدث الأسبوع الماضي حينما شارك ساسة لبنان في مباراة لكرة القدم تحت عنوان «كلنا فريق واحد» إحياءً للذكرى 35 للحرب الأهلية.

الورقة الأخيرة

إن استطاعت الرياضة أن تستغني عن الدعم المالي الحكومي، كما فعل اتحاد كرة القدم الياباني (صاحب ميزانية 150 مليون دولار سنوياً)، فحينها سيصبح العمل الرياضي لخدمة الجماهير والرياضة نفسيهما وليس لخدمة السياسة.‏

emad_alnimr@hotmail.com

تويتر