‏أوراق رياضية‏

‏الفتـن الكروية والإعلام!‏

عماد النمر

‏تناولت في زاوية الأسبوع الماضي بعض نماذج من الفتن الكروية التي هزت العالم العربي في الآونة الأخيرة، وأشرت بإيجاز إلى أن وسائل الإعلام كان لها دور كبير في اشتعال هذه الفتن بين الشعوب والجماهير العربية.

ولأن الإعلام هو السلطة الرابعة، ويعمل رقيباً على السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية، فمن المفترض أن ينتهج نهجا صحيحا في معالجتة للأمور، وأن يراعي مصلحة وأمن الشعوب وهو يتناول أي قضية عامة سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو رياضية.

وفي عصرنا الحديث وما يحمله من تقدم تقني، استطاعت وسائل الإعلام أن تقوم بشحن وتعبئة الرأي العام تجاه موقف معين أو قضية معينة، ما أسهم في خلق الفتن الكروية التي اكتوينا بنارها في الشهور الماضية.

وأصبح للإعلام الرياضي خصوصاً، مساهمة كبيرة في التأثير في الجماهير، لما يملكه من جاذبية وحب الجماهير له، وتنوعت الوجبات الرياضية الإعلامية ما بين كلمات مقروءة على صفحات الآلاف من الصحف اليومية والأسبوعية، وبين عشرات القنوات الرياضية المتخصصة، وعلى صفحات المواقع الإلكترونية.

وبدلاً من الاستفادة من التقدم التقني الحديث وسهولة وصول المعلومة في لحظة وقوعها بشكل مهني، إذا بالإعلام الرياضي يستغل الحرية اللامحدودة الممنوحة له، ليصول ويجول دون وجود أي قانون يحكم عمله المهني خصوصاً في القنوات الفضائية التي أصبحت مرتعا خصباً للآراء الغثة والسمينة على حد سواء.

وأصبحت وسائل الإعلام الرياضي خصوصاً تبحث عن الإثارة بغض النظر عن تأثيرها السلبي في الجماهير، سعياً وراء استقطاب أكبر شريحة من المشاهدين، كما تحكم الفكر التجاري في العديد من وسائل الإعلام، بعدما أصبح للإعلان دور مهم في تحديد توجه العمل الإعلامي، وتحول البعض من التميز الإعلامي إلى التفوق الإعلاني «وكله على حساب الزبون»، أقصد المشاهد.

وإذا كان للمال دور كبير في التأثير في وسائل الإعلام، فإن للمصالح الشخصية دور لا يقل أهمية عن سابقه، فهذا الصحافي أو الإعلامي يهوى ويعشق نادياً بعينه، وآخر صديق حميم للمسؤول الكبير، وثالث ورابع وخامس.. إلخ. فالأملثة أكثر من أن تعد، لذلك تشابكت المصالح مع الإعلام وأثرت في توجهاته.

أجزم بأن الإعلام الرياضي شريك ومحرض أساسي في كل فتنة رياضية حدثت بين الجماهير العربية - العربية، وبين جماهير الدولة الواحدة بين الأندية المختلفة، وسيظل كذلك طالما سيطرت النظرة التجارية على الإعلام، وتغلبت الأهواء والمصالح على الكلمة والعمل الإعلامي الصحيح.

ورغم وجود عقلاء كثر في الوسط الإعلامي الرياضي، فإن صوت الإثارة وتهييج الجماهير هو الأعلى، وهو صاحب الكلمة العليا هذه الأيام، خصوصاً في القنوات الرياضية المتخصصة، صاحبة التأثير الأكبر في الجماهير.

 

الورقة الأخيرة

وإذا كان للإعلام تأثير كبير في الشارع الرياضي، فإن السياسة كان لها السبق والريادة في هذا المجال من خلال تدخلها في الشأن الرياضي، وهذا موضوع حديثنا المقبل.‏

emad_alnimr@hotmail.com

 

تويتر