«داماس» ومسؤولية مجلس الإدارة
في السنتين الماضيتين تصدرت المشكلات التي تواجه العديد من الشركات المدرجة وغير المدرجة في دول الخليج عناوين الصحف. من الأمثلة الكثيرةأ بنك الخليج في الكويت، ومجموعتا سعد والقصيبي في السعودية، وأخيراً داماس في الإمارات، بلا شك أحد الأسباب الرئيسة لتلك المشكلات هو غياب تطبيق قوانين الحوكمة الإدارية الرشيدة، ولن تصبح دول الخليج الوجهة الاستثمارية الدولية التي تعكس مكانتها الاقتصادية من دون تعاون الشركات التجارية ومجالس إداراتها في تطبيق المعايير المحلية والدولية للحوكمة.أ أ أ
تابعت باهتمام التطورات الأخيرة التي مرت على مجموعة داماس، وكيف تدخلت سلطة مركز دبي المالي العالمي للحفاظ على المال العام، حين أدركت أن أشخاصاً في إدارة المؤسسة لم يكونوا يفرقون بين ما هو مال الشركة وما هو مالهم الخاص وخلط الأوراق بينهما.
قامت السلطة بنقل مسؤولية الإدارة إلى مدير جديد وعينت مجلس إدارة جديداً، بعد أن وجدت أن «مجلس إدارة الشركة لم يلتزم بمعايير الحوكمة حينما تم سحب مبالغ من الشركة من دون موافقة». ومعايير الحوكمة هنا تقتضي أن يعترض أعضاء مجلس الإدارة على أي أمور لا تتفق مع إدارة الرشيدة كاستخدام مال الشركة وهو مال المساهمين في قضاء أمور خاصة لبعض المسؤولين في الشركة وهو ما حصل بالفعل. وقد وجدت الدراسة التي نفذتها السلطة أنه تم فعل ذلك على مدى 18 شهراً بين إدراج الشركة وتدخل سلطة مركز دبي المالي العالمي. في الحقيقة تستحق هذه الخطوة الثناء من قبل الجميع، بما فيها من الحفاظ على سمعة دبي والإمارات في تطبيق القانون ومعايير الحوكمة، ولكن هل تعيين مجلس ادارة جديد يخلي مسؤولية المجلس السابق الذي كان عليه أن يقوم بواجباته؟ للأسف الكثير من مجالس الإدارة تتكون من أشخاص منشغلين بأمور أخرى ومسؤوليات متعددة، ويرجع سبب وجودهم في مجلس الإدارة لأسباب صورية وبسبب أسمائهم اللامعة أو معارفهم التي قد تستفيد منها الشركة.أ أ أ
قبل سنين عدة كانت إحدى الشركات العقارية المدرجة في الإمارات ترعى رسمياً ابن الرئيس التنفيذي للشركة في رياضته المفضلة «يا سلام»، وأحد البنوك كان يقدم لرئيس مجلس إدارته، المحال الآن للتحقيق بسبب اختلاسات، امتيازات تمويلية وكان ردهم حين سئلوا عن ذلك إن كنا نتوقع أن يذهب رئيسهم إلى بنك آخر لتمويل مشروعاته! أ
عندما تفشل الشركات أو تخسر مبالغ كبيرة من المال بسبب سوء الإدارة وغياب الحوكمة الإدارية يتأثر المساهمون والموظفون سلباً ويتعرض مستقبل أطفالهم وعائلاتهم للخطر، ومجالس الإدارة المنتخبة والمعينة لديها مسؤولية تجاه هؤلاء بمتابعة التطورات في الشركة والتعليق أولاً داخلياً ومن ثم علناً إن لم تتوقف التجاوزات بحق مال المساهمين. ويتعين في المستقبل أن يتعهد أعضاء مجالس الإدارة كتابياً بالالتزام بمسؤولياتهم في المتابعة والإشراف على سير الأمور وإلا فلا ينبغي لهم أن يقبلوا المسؤولية ويتسلموا مالاً بالمقابل.
قد يتعين على سلطة مركز دبي المالي العالمي أن تطبق على أعضاء مجلس إدارة داماس السابقين قياساً بمسؤولياتهم إجراءات مشابهة للتي اتخذتها على المسؤولين الآخرين، أم هل كان وجودهم صورياً؟ أ أ
زميل غير مقيم
في كلية دبي للإدارة الحكومية