‏‏

‏العلم نور وحياة‏

سلطان سعود القاسمي

‏خلال زيارتي للعاصمة البريطانية الأسبوع الماضي، تمكّنت من زيارة معرض فريد من نوعه يُدعى (1001 إختراع: اكتشف التراث الإسلامي لعالمنا) الذي يوجد حالياً في المتحف العلمي في نايتسبريغ برعاية مؤسسة عبداللطيف جميل السعودية. هو معرض نُظم خصوصاً للأطفال الذين بإمكانهم التواصل مع المجسمات الآلية مباشرةً بالضغط على أزرة أو سحب ذراع آلية أو رفع الهاتف للاستماع لرواية.

كان العديد مما عرض عن إبداعات العلماء المسلمين معروفاً لدينا في مجالات الحساب والكيمياء، لكن الكثير مما عرض كان جديداً بالنسبة لي، فمثلاً لم أكن أعرف أن امرأة مسلمة تدعى فاطمة بنت محمد الفهري التي ورثت مبلغاً من المال من أبيها هي من قامت بإنشاء جامع القرويين الذي يضم كلية للعلوم قبل أكثر من ألف عام، ما يجعله إحدى أقدم الجامعات على وجه الأرض. خطر في بالي وأنا أقرأ عن تلك المرأة العظيمة التي أسهمت في نشر الإسلام والعلم، كيف أن بعض من سوّلت لهم أنفسهم، يريدون منع البنات من الدراسة، فهل سمعوا عن فاطمة الفهري؟

وذكرني المعرض بالدور الأرضي في متحف الشارقة للحضارة الإسلامية والذي أيضاً فيه مجسمات مخصصة للأطفال، كي يتعلموا عن الدين الإسلامي بأسلوب جديد وممتع، وهو يختلف عن متحف قطر الإسلامي الرائع أيضاً، والذي صمم لجمهور أكبر في السن في رأيي.

فما أجمل العلم وما أعظمه! خصوصاً أنه تم إيصاله في سن مبكرة، فبسببه يفتخر المرء بدينه وينمّي الإحساس بالاحترام عند غير المسلمين، تخيل مدى قوة الرسالة نفسها، إن تم أخذ هذا المعرض القائم حالياً في المتحف البريطاني إلى مناطق العالم الإسلامي التي تعاني سوء فهم للدين كباكستان وأفغانستان والعراق والسعودية الشقيقة، ففي بعض البلدان يتم استخدام الدين كأداة لسلب النساء حقوقهن أو في أقصى الحالات، لغسل أدمغة الشباب للقيام بعمليات إجرامية، فإن تم تلقين الأطفال في سن مبكرة دروساً عما قام به العلماء المسلمون من اختراعات أثرت الإنسانية، لا أظن أنه سيتمكن شخص من غسل عقولهم بسهولة.

في المعرض نادت مدرّسة بريطانية على الطلبة لكي يشاهدوا فيلماً عن علماء ومبدعي الإسلام كأبي العز الجزاري، وعباس بن فرناس وأبو القاسم الزهراوي الذي اخترع قبل مئات السنين آلات جراحية تستخدم إلى اليوم، تم إنقاذ عدد لا يحصى من البشر بسببها، وفكرت، وأنا في المعرض، كم يشبه اسم الزهراوي باللغة الإنجليزية اسم دكتور آخر يدعى أيمن لبس قناع الإسلام، ولكنه اختار أن يستخدم علمه في قتل الناس بدلاً من إنقاذ حياتهم! فبأي منهما نقتدي يا ترى؟

تمنيت خلال مكوثي في المعرض أن تقوم مؤسسة عبداللطيف جميل بأخذ المعرض الـ 1001 اختراع إسلامي إلى وسط كابول في أفغانستان، ليقوم بزيارته الأطفال الأفغان، حتى إن جاءهم أحد رسل الظلام لأخذ أرواحهم وإقناعهم بقتل الآخرين، يقولوا له: لن نفعل، بل نريد أن نعيش وندرس ونتعلم، كي نصبح كأحد العلماء المسلمين الذين تعرفنا إليهم في المعرض.

 

❊ زميل غير مقيم

في كلية دبي للإدارة الحكومية‏

تويتر