‏‏

‏أقول لكم‏

‏كتبت في الطائرات وفي القطارات وعلى أرصفة المقاهي في مدن العالم المختلفة، قبل التكنولوجيا وبعدها، لم ولن يكون العمود اليومي الذي أتواصل به معكم سبب شكوى أو تأفف، ففي هذه الحياة الأجمل التي عشتها، لم تغرني مناصب، ولم أفرح بفوز في انتخابات جمعية أو إشادة من زملاء في دول عربية أو أجنبية، ولم يكن التكريم غاية أو رغبة، كل ذلك أضعه في كفة لا تزن الكفة التي أضع فيها سؤال أُمّ افتقدت زاويتي اليومية، فطلبت من ابنتها أن تسأل عني خشية أن أكون عليلاً، دعاؤها الذي سمعت يوازي العمر الذي قضيت بين جنبات «أقول لكم» والفرح الذي يغمرني عندما ألامس هماً تحمله مجموعة من الناس، ناسي، أهلي، وامتداد عمري.

أتوقف أحياناً، ليس تعباً أو عجزاً، ولكن الظروف ربما تكون أكبر مني، خصوصاً عندما لا أعرف أين سأكون غداً، وكيف سأجد المكان الذي سأتوجه إليه، أو عندما أخاف مما سأكتب لكم وأقوله، أخاف ألا أغوص معكم لنخرج معاً بشيء ينقلنا خطوة إلى الأمام، أخاف أن أعود إلى الخلف، أن «أجتر» كما تفعل «النطيحة والمتردية» عندما «تأكل نفسها»!

أود ألا أتوقف يوماً واحداً عن الكتابة، وأقول لنفسي دوماً «مادامت صحتي تساعدني على العطاء فيجب أن أعطي، ومادام فكري قادراً على رؤية الأمور فلابد أن أنقلها إلى من أحببتهم وأحبوني، ومادام قلمي ينضح مداده فهي فرصة تستغل قبل أن يجف»، إنها دكتاتورية القلم، تحكمني منذ 30 عاماً، ديكتاتورية الارتباط المبرم بيني وبين أجيال عدة تمازجت حتى شكلت قوة ضغط لا أقدر على مواجهتها، وإن حاولت أحياناً أن أستقوي أفقد القدرة على الصمود طويلاً، وأعود بكل طيبة خاطر ورضا وسرور ومودة ومحبة لأعطي الناس الذين بادلوني مشاعرهم حقهم، وحقهم علي أن أسير على الخط الذي عرفوه وخبروه، خط الأمانة في طرح ما يهمهم، ويستحق أن يُقرأ لأنه يخص المجموع، فهذه الزاوية ملك لهم وأنا ناقل لأفكارهم، ولو غيرت مساري أصبحت مثل أولئك الذين يتساقطون من عيون الذين يقرأون لهم!‏

‏myosef_1@yahoo.com

 

تويتر