‏كل يوم‏

‏انتشار «القاتل الصامت»..‏

‏من المقلق جداً أن يكون ربع عدد سكان الدولة مصابين بمرض السكري، الذين يراجعون العيادات والمستشفيات المختلفة، ويتلقون علاجات مختلفة حسب درجة إصاباتهم بهذا المرض، ومن المخيف جداً أن ضعف هذا «الربع»، أي أكثر من 60٪ من عدد سكان الدولة، معرضون للإصابة بالسكري، أو أنهم مصابون فعلاً بالمرض لكنهم لا يعرفون ذلك، ألا يدعو هذا الأمر إلى القلق والخوف حقاً؟!

أعتقد أننا لم نقم إلى الآن بما يلزم لمحاربة هذا المرض الذي يعرف علمياً باسم «القاتل الصامت»، فهو ليس من الأمراض البسيطة التي يمكن القضاء عليها بأدوية ومضادات يمكن استخدامها لفترة زمنية قصيرة، بل هو مرض مزمن، ويتسبب في أذى وتعب نفسي وجسدي لصاحبه، يصل أحياناً كثيرة إلى حد المعاناة اليومية جراء استخدام «حقن الأنسولين» بكميات مختلفة، ولو كنا فعلنا ما يلزم لمكافحة «السكري»، لما وصلت نسبة الإصابات إلى هذا الرقم المخيف، ومع ذلك، وعلى الرغم من تلك الإحصاءات المقلقة لعدد الإصابات بهذا المرض، ومع أن الوضع مخيف ويزداد سوءاً، إلا أننا مازلنا إلى اليوم مقلين في إجراءاتنا الطبية لمكافحة هذا المرض، وعملياً لم نفعل ما يلزم للحد من انتشاره!

والوضع يزداد سوءاً وقلقاً وخطورة، عندما نقترب من عالم الأطفال، وللأسف الشديد فإن نسبة إصاباتهم بداء السكري في الدولة عالية جداً، وعدد أكبر منهم «مهددون» بالإصابة به، إما بسبب الوراثة، وذلك أمر طبيعي مع وصول نسبة الإصابة عند الكبار إلى «ربع» عدد السكان، وإما بسبب الممارسات الغذائية الخاطئة، ونوعيات الغذاء السيئة التي يتناولها أطفالنا ليل نهار!

أطفالنا يتناولون يومياً كميات لا حصر لها من المواد الغذائية الضارة، ومن الصعب جداً السيطرة على ذلك، لأنه خرج عن حدود السيطرة، فـ«الدكان» القريب من المنزل، يضم عشرات الأصناف من الحلويات التي تضم مواد ملونة، مملوءة بسعرات حرارية مرتفعة، ومحال الـ«جانك فود» أصبحت في كل «فريج» وفي متناول كل طفل، ولا يمكن لأي ولي أمر أن يمنع أطفاله من المشروبات الغازية، أو ألواح «الشوكولاتة» المختلفة، أو «البورغر مع الفرنش فرايز مملوءاً بالكاتشب»، وإن استطاع ولي الأمر السيطرة على فترة ما بعد الظهيرة، فما العمل في الأطعمة «الضارة» التي تباع في مقاصف المدارس الحكومية والخاصة؟! بالتأكيد لا يمكن عمل أي شيء طبعاً! أولياء الأمور لن يستطيعوا بمفردهم أن يمنعوا إصابة أبنائهم بمرض السكري، كما أنهم لن يستطيعوا السيطرة على أطفالهم الصغار المصابين فعلاً بالمرض، وكذلك وزارة الصحة أو الهيئات الصحية المختلفة لن تستطيع وحدها مكافحة هذا المرض مهما بذلت من جهود، والحل الوحيد هو إقرار حملة وطنية تضم كثيراً من الجهات المختلفة، بل الأفضل أن تضم الشعب كله والحكومة كلها، لمحاربة ومكافحة هذا «القاتل الصامت»، حملة وطنية ضخمة تنشر التوعية الحقيقية بأضرار هذا المرض وتبين كيفية مكافحته، ليس هذا فحسب، بل تقر القوانين اللازمة للسيطرة على المرض، وتفرض سيطرتها على جميع مدارس الدولة لتختار لها ما يجب أن يأكله أطفالنا، وما لا يجب أن يدخل بطونهم، ليست المدارس فحسب، بل يجب أن تضغط أيضاً على البلديات والدوائر الاقتصادية للحد من أماكن بيع الـ«جانك فود» في المناطق السكنية، والرقابة عليها قدر الإمكان، فهل نستطيع فعل هذه الأمور وغيرها، أم نترك أطفالنا عرضة للسكري؟!

‏reyami@emaratalyoum.com

 

تويتر