‏رؤية‏

‏الخبز الحافي! ‏

‏‏نقدر اهتمام مجلس الوزراء بإصدار قرار بشأن المواصفات القياسية الإلزامية للخبز، كما نقدر جهود وزارة الاقتصاد لاهتمامها بالمستهلك، ولكن تبقى هناك أسئلة تدور في ذهن المواطن والمقيم على السواء:

ماذا يعني أن تكون وزارة الاقتصاد من خلال إدارة حماية المستهلك، منشغلة بحماية المستهلك، للتأكد من خلو الخبز من الأتربة والحصى والشوائب المعدنية أو الزجاجية، أو شوائب من أصل حيواني، أو حشرات ميتة؟!

وماذا يعني انشغال هذه الجهات بأسعار الخبز إذا ارتفعت أو انخفضت؟!

هل وصلت الحال لأن يشكل الخبز بنوعيته، ومدى نظافته، وأسعاره، الشغل الشاغل للمؤسسات الحكومية والمواطنين والمقيمين؟ أم ماذا يعني هذا؟!

هل يعني عجز الجهات الحكومية المعنية بالتنمية والإصلاح الاقتصادي عن تحديد أسعار السلع والبضائع والخدمات، وكذلك نوعيتها، ومواجهة الغش فيها، أو التلاعب بأسعارها من قبل الموردين والمنتجين، حتى تصل بها الحال إلى الاستنفار، لمواجهة ارتفاع سعر سلعة دنيا هي الخبز؟!

أم أن هذه الجهات انتهت من تنظيم الأسواق، وتحديد الأسعار، وحماية المستهلك، ولم يبق سوى الخبز؟! أم أن الخبز أصبح أهم السلع والبضائع والخدمات التي يحصل عليها المواطن والمقيم، ليكون كل هذا الاستنفار من قبل هذه الجهات؟

إن تفسير هذا الاهتمام الكبير، ربما يؤكد مدى انحدار المستوى المعيشي للإنسان في الإمارات، كي تصبح هذه السلعة ذات أهمية أساسية له، مثلها مثل الماء، ليصبح الخبز طعام الإنسان، والماء شرابه، مهما احتويا من شوائب، ومهما كانت أسعارهما أو نوعيتهما أو حالتهما. وتذكرنا هذه الحال بمشهد الخبز، وهو معروض على أرصفة الشوارع والأزقة في المدن الفقيرة، باعتباره طعام الفقراء والمعدمين. وربما يفسر هذا الاهتمام عدم قدرة الجهات الحكومية على السيطرة على أسعار السلع والخدمات، بعد أن تأكد لها أن التاجر الأجنبي (المورد والموزع والمنتج) هو التاجر الذي تدين له الأسواق، ويحتكر السلع، ويتحكم في الأسعار، ويهيمن على سلطة القرار. وقد أكدت معطيات السوق عبر عقود من الزمن، حقيقة هذه الأوضاع، فلا سعر يعلو فوق السعر المحدد من قبل التاجر الأجنبي، ولا قرار للوزارة يرغم التاجر الأجنبي على الالتزام بالأسعار، أو يلزمه بتشغيل أو منح فرصة العمل للمواطنين! وهكذا غالباً ما تكون الفرص للأجانب، فيما المواطنون يستجدون الوظائف! وليأكل المواطن هنا ما ينتجه التاجر الأجنبي حتى لو كان «صمّون»! ربما يفسر هذا الاهتمام بأن عصر الرفاه ولى دون رجعة، ولم تعد للدولة بمؤسساتها قدرة على تصحيح أوضاع السوق والأسعار، سوى المحافظة على أسعار الخبز بأنواعه، حتى لو كان مخلوطاً بقليل من الشوائب، أو ممزوجاً بقليل من الشعير! أو مطحوناً بنسبة من الزجاج، أو بحفنة من الحشرات الميتة، لعل في هذا نكهة إضافية، أو قيمة غذائية لم تصل إلى أفواه المستهلكين في الإمارات بعد! ربما يفسر هذا الاهتمام، أنه وبعد أن حققت مؤسساتنا معدلات عالية من التنمية، والاستقرار المعيشي، والنفسي، والاجتماعي للمواطن والمقيم، بدأت الاهتمام بتفاصيل دقيقة تتعلق بأسعار الخبز وأنواعه، ومدى نظافته، فيما أسعار بقية السلع والبضائع والخدمات، ونوعيتها، ومستوياتها، تحت السيطرة ولا خوف!

ربما يفسر هذا الاهتمام الكبير، بأن الضرورات المستقبلية تحتم قيام مؤسسات الدولة بالإعداد لمستقبل الفقراء الحاليين والمقبلين من أبناء الدولة، المقرر انضمامهم إلى طبقة الفقراء، بعد أن طحنتهم ظروف الحياة، وعصرتهم الأزمات، فأصبحت أعداد المنتمين إلى طبقة الفقراء في تزايد، فكان لابد من اهتمام مؤسسات الدولة بهم من منطلق مسؤولياتها تجاه مواطنيها الفقراء الحاليين والمقبلين!

alshamsi.n@hotmail.com

تويتر