‏‏

‏5 دقائق‏

‏وقف رئيس شركة تويوتا للسيارات أكيو تويودا، أمام لجنة مجلس الشيوخ الأميركي الخاصة بالإصلاحات الرقابية والحكومية، لشرح المشكلات المتعلقة بدواسات البنزين، والتي قد تكون تسببت في وفاة 19 شخصاً، كانت الدموع تنسال من عيني السيد تويودا وهو يقدم تعازيه وأسفه الشديدين، منتهجاً في ذلك سلوكاً يابانياً اعتاده المسؤولون ويتراوح من الاعتذار والإقرار بالخطأ، إلى الاستقالة وترك المنصب، وحتى الانتحار.

لا شك في أن مشكلة تويوتا هذه المرة قد تطيح بسمعتها على صعيد الجودة والالتزام، خصوصا أن قضية السلامة لا يمكن السكوت عنها، الأمر الذي قد يجبرها على استدعاء أكثر من 10 ملايين سيارة على مستوى العالم، وإذا كانت ثمة عيوب في الدواسات وتسارع قسري للسيارة، فإن هذه العيوب تعني الوفاة دون شك، فلا مجال هنا للمجازفة أو حتى التغاضي عن عيوب كهذه، ناهيك عن القول بأن مثل هذه العيوب كانت معروفة وتم السكوت عنها عن سابق قصد إلا أن اكتشافها في أميركا هو ما أجج القضية وجعل تويوتا تهرول راكعة معتذرة. لسنا ندري ما إذا كانت دموع رئيس تويوتا صادقة أو أنها، حسب خبراء الإعلان، هي الخطوة الأولى لترميم صورة الشركة، أم أنها محاولة لدرء أية دعاوى قضائية قد تنجم جراء التحقيقات، خصوصا أن التعويضات ستكون بالتأكيد خيالية في حال ثبت تعمد تويوتا تضليل المستهلكين.

إذا كانت الهيمنة السياسية والاقتصادية لأميركا عاملاً حاسماً في إذعان تويوتا لمطالب السوق الأميركية، من خلال تصنيع سيارات تويوتا على الأراضي الأميركية وفي أكثر من 10 مصانع بدلاً من استيرادها من اليابان، فإنها أيضاً تلعب دوراً رئيساً في تعزيز ثقة المستهلك بصرامة الإجراءات الرقابية والإدارية وبأن التحقيقات سيتم إجراؤها بشفافية وصدقية وصولاً إلى الحقيقة.

يأتي كل هذا نتيجة للزخم الإعلامي الممنوح لهذه القضية وتفاعل الصحافة البنّاء، في سبيل كشف ملابسات العيوب التي صاحبت حوادث الوفاة على الأراضي الأميركية، علاوةً على دور منظمات المجتمع المدني، خصوصا تلك المتعلقة بحماية المستهلك ودورها في الضغط من أجل توفير وسائل السلامة والأمان كافة في المركبات، مع رفض أية مبررات تسويقية أو دعائية، تحجب الحقيقة وتحول الرأي العام بعيداً عن القضية.

هل نحن بحاجة إلى إرادة سياسية ملزمة؟ أم إلى أسواق ذات قرار مؤثر؟ أم ينقصنا الوعي الكفيل بحماية المستهلك، حتى يتسنى اتخاذ التدابير الكافية التي تحمي حقوقه وتحول دون التغرير به؟ هل باستطاعتنا جلب مدير تنفيذي لسلعة معينة أو الموزع الرئيس لبضاعة ما ومساءلته أمام لجان وطنية عن إخفاق أو عيب في منتج يقدمه؟ وهل للسوق لدينا قوتها في فرض شروطها وإجبار المنتج على الإذعان لشروط السلامة والبيئة والصحة؟

أزمة تويوتا كشفت عن تفاصيل كثيرة غائبة عنا، فالبضاعة اليابانية لها ازدواجيتها التي تراعي معايير أشد صرامة في اليابان عنها في بقية دول العالم، وأن ما يُصدّر من منتجات وسلع ليس بالضرورة أن يكون متوافقاً مع المعايير والمواصفات اليابانية، فاليابان لم تعد الجودة التي سكنت انطباعاتنا فترة طويلة من الزمن ولا هي بالمثالية التي ادّعتها طويلاً. بالتأكيد ينقصنا الكثير من حزم الأميركان عندما يتعلق الأمر بمواطنيهم واهتمامهم بأبنائهم ومعاقبتهم المسيء إليهم أياً كان.‏

hkshaer@dm.gov.ae

 

تويتر