‏‏

‏من المجالس‏

‏الوفاء سمة الأوفياء، وهي صفة الإدارات الواثقة بنفسها، والقيادات التي اتخذت من التواضع سلماً للرفعة. وفي ميدان التربية والتعليم كثيراً ما تكون الدروس أكثر بلاغة عبر القدوة الصالحة والأسوة الحسنة. وقيمة الوفاء هي إحدى أهم القيم التي تحرص كل مدارس التربية الإنسانية على ترسيخها في عقول الناشئة، وهي واحدة من عناصر ثقافتنا الإسلامية وعاداتنا العربية الضاربة في أغوار وجدان إنسان هذه الأرض المباركة.في يوم الوفاء الذي نظمته إدارة الاتصال الحكومي بوزارة التربية والتعليم وبحضور الوزير حميد القطامي يوم الخميس الماضي بدبي، كانت قائمة المكرمين طويلة، ولكن المحطة الأجمل كانت مع حراس المدارس الأقدمين. ثلة من المواطنين، كانوا على سلّم الوظائف الصغار، ولكن في عطائهم كانوا كباراً، وفي تمسكهم بقيمة العمل رمزية بالغة الأثر. وكثيراً ما يسقط أمثال هؤلاء الرجال والنساء من ذاكرة عدّ الإنجازات والمآثر التي يذهب جلّها إلى الإدارات العليا وقياداتها، بينما تبقى الذاكرة الإنسانية تسجل مشاهد أولئك «الأبوات» الذين كانوا يتأهبون وقوفاً عند أبواب الحافلات المدرسية حرصاً على سلامة الأطفال، ويهرعون من على مقاعدهم الخشبية المستندة إلى جدار سور المدرسة كلما نزل طفل من سيارة أو غادر آخر قاصداً ركوب السيارة. ولم يكن هؤلاء ينتظرون صلاحية من مدير أو توجيهاً من مسؤول ليؤدوا دورهم التربوي وأحياناً التأديبي مع التلاميذ والتلميذات برعاية الأبوة وحنان الأمومة الفائضة بشعور المسؤولية. في يوم الوفاء، الذي ينظم لأول مرة بهذه الشمولية، بدت وزارة التربية والتعليم كأنها تستعيد الإمساك بزمام الكثير من الأمور التي تفلتت خلال السنوات الماضية تحت طائلة النط في الفراغ بدعوى تطوير التعليم على حساب كل تلك المعاني الجميلة لكلمة تربية. فكل خطط واستراتيجيات التعليم لا يمكن أن تحقق أهدافها إذا لم تجد نفوساً سوية وعقولاً سليمة متحصنة بقيم تربوية أصيلة. والوفاء في يوم الوفاء كان إشارة مهمة لعزم الوزارة على استعادة مكانة التربية إلى جانب التعليم.‏

adel.m.alrashed@gmail.com

تويتر