‏‏

‏من المجالس‏

وزارة الاقتصاد تكافح من أجل وقف تفلّت الأسواق من عقالها. تلتفت إلى المخابز فيباغتها تجار الفواكه والخضراوات، وتدور حول «السوبر ماركتات» فيصدمها تجار الذهب. وتهرول إلى وكالات السيارات فيهرب أصحاب سائر الوكالات التجارية. الوزارة تسحب طرف الحبل مقابل تكالب كل أولئك لسحب الطرف الآخر. وكلما وضعت «الاقتصاد» يدها على ثغرة امتدت أيادٍ لتفتح ثغرات أخرى. معركة وزارة الاقتصاد في الأسواق على جبهتين. جبهة الأسعار وجبهة الجودة وضمان حقوق المستهلك. وللحق فإن الوزارة لا تدخر جهداً في استخدام كل الوسائل التي يتيحها لها القانون، وتحاول استخدام كل الصلاحيات الواقعة تحت يديها، ولكن التجار لا يعدمون وسيلة، فهم الأكثر خبرة، والأكثر دراية بالسوق وشعابها. وخبرتهم ودرايتهم تمكنانهم من الاستفادة من الثغرات، وما أكثرها. والوزارة على الرغم مما استحدثته خلال سنوات من عملها من قوانين إلا أنها لاتزال تفتقد الغطاء التشريعي المتكامل الذي يضع في يدها جميع الأدوات القادرة على زم المياه المتفلتة بفعل السوق وأربابها. إدارة حماية المستهلك أنجزت منذ إنشائها قبل سنوات وحتى الآن الكثير، ولكن لايزال أمامها الأكثر، وهي إلى الآن تحافظ على صبرها وتعمل بأسلوب النفس الطويل، ولكن عودنا التجار أن أنفاسهم أطول، وتدبيرهم أشد. فالخبز إذا فرضت عليه المواصفات القياسية سيصبح بلا خبازين لأن المواصفات، حسب زعمهم، ستؤدي إلى خسارتهم وخروجهم من السوق. والمواد الغذائية إذا لم ترفع أسعارها ستتسبب في خراب بيوت بائعيها. وموازين الذهب إذا ضبطت ستلحق تجار الذهب بزملائهم في اسواق الأسهم والعقار. وبالمزيد من النواح والنحيب سيحاول أرباب الأسواق وأصحاب الوكالات إبعاد شبح وزارة الاقتصاد وإجراءاتها عنهم لينفردوا بالمستهلك. وهذا المستهلك هو دائماً الضلع الأضعف في مثلث البيع والشراء، إلا إذا توسعت مساحة حمايته لتتجاوز حدود الإدارة في الوزارة إلى مؤسسة يتلاقى فيها الجهد الرسمي مع الجهد الأهلي.‏‏

adel.m.alrashed@gmail.com

تويتر