3 مواطنات

سامي الريامي

أمل سالم، شذى الرميثي، ومنى بن كلي، ثلاث فتيات متميّزات ومتحمّسات، أبدعت كل منهن في مجالها، فالأولى مذيعة تألقت في برامج عدة، والثانية لديها من الإمكانات والمهارات ما لا يوجد عند نظرائها من الشباب والفتيات معاً، أهّلتها لأن تكون المنسقة الإعلامية لبطولة العالم للأندية التي استضافتها العاصمة أبوظبي، والثالثة إدارية مميزة حققت الكثير من النجاحات في مقر عملها في مؤسسة دبي للمرأة.

ألقينا الضوء على تجربة كل منهن خلال الأسابيع الماضية على صفحات «الإمارات اليوم»، على اعتبار أنهن متميزات يستحققن الدعم والتشجيع، فهن يمثلن شريحة من بنات الإمارات اللواتي نفخر بعطائهن وإنتاجهن وحماسهن، كل منهن لها ما يميزها، وكلهن من الجيل المتعلم الواثق بنفسه.

ولكن، على ما يبدو، هناك من لا يحب سوى إحباط العزائم وإظهار السلبيات في أوج النجاح، فمشكلة أمل سالم، أنها فضلت العمل في مهنة تحبها وتعشقها، واختارت أن تكون مذيعة لبرامج اجتماعية تفيد مجتمعها بشكل أو بآخر، ومشكلتها أنها تطمح إلى أن تصبح في يوم من الأيام «وزيرة»، وفق ما صرحت به لـ«الإمارات اليوم»، وهذا ما لم يعجب البعض، فالمواطنة يجب ألا تجلس خلف الشاشة، ويجب ألا تكون إعلامية أو مذيعة، والمواطنة لا يحق لها أن تحلم أو تطمح إلى أن تترقى وتصل إلى الوظائف العليا!

وشذى الرميثي، مشكلتها أنها تجيد خمس لغات، وأصبحت هي المرجع والمنسق لأكثر من 300 صحافي أجنبي وعربي جاؤوا من مختلف دول العالم لتغطية البطولة العالمية التي أقيمت على أرض الإمارات، ومشكلتها أيضاً أنها تولّت الرد على بعض الصحف الإسبانية التي نشرت موضوعات غير صحيحة عن مجتمع الإمارات، وقامت بإيضاح الحقائق وإزالة اللبس عن أعينهم، ولكن البعض كذلك لم يعجبه ذلك، فبنت الإمارات مكانها البيت ولا يمكن لها أن تتولى مهام فيها «اختلاط» بأجانب! وكذلك الأمر عند منى بن كلي، فمشكلتها أنها نشيطة ومنتجة، ومليئة بالحيوية، فهي تشرف على تنظيم برامج وفعاليات مختلفة، وتقوم بجهود تطويرية في عملها بمؤسسة دبي للمرأة، وبالتالي فإن البعض يعتبر عملها شيئاً سلبياً فهي يجب أن تترك وظيفتها وتجلس في البيت!

هذه التفسيرات ليست مزحة ثقيلة مني على الإطلاق، بل تعليقات حقيقية كتبها البعض ردوداً على موضوعات أولئك الفتيات في الموقع الإلكتروني، ومنها ما لا يستحق الرد عليه لأنه بعيد عن المنطق والعقل والأدب أحياناً، وللأسف تسببت تلك التعليقات في إيجاد حالة من الإحباط لدى كل من هؤلاء المتميزات الثلاث.

لا أدري ما التصوّر الذي يريده البعض لبنت الإمارات؟ وهل مازال هناك من يفكر في انطلاق المرأة نحو العمل والإنتاج بطريقة رجعية ضارة، تعيدنا مئات السنين إلى الوراء؟ لقد تجاوز مجتمع الإمارات النظرة الضيقة المنتشرة في المجتمعات المتخلفة عن عمل المرأة وتميزها، وأصبحت بنات الإمارات في كثير من الأحيان رافداً أساسياً لتطوير الأسرة، وعنصراً فاعلاً في مساعدة الأهل على تحمّل مستجدات العصر وتكاليفه، وأصبح أولياء الأمور يتسابقون لتعليم بناتهم وتثقيفهن، حتى يكنّ عوناً لهم، وللمجتمع والوطن، فلِمَ الإصرار من فئة ضيقة التفكير على تصدير هذه الأفكار الممسوخة لبقية المجتمع؟

أشخصياً أنا مقتنع تماماً بأن هذه النماذج من بنات الإمارات هنّ مفخرة حقيقية لأهاليهن، وللوطن وللمجتمع، ويستحققن هنّ وأمثالهن كل تقدير واحترام وتشجيع، ومن يعتقد أن التميز حكر على جنس واحد فلقد جانبه الصواب من دون شك.

 

reyami@emaratalyoum.com

تويتر