«شاهندة»

عبدالله الشويخ

هي فتاة مكتملة الأنوثة في الـ17 من عمرها نزلت بإحدى مدن الدولة بحثاً عن الرزق، وتلقفتها يدا أحد النخاسين، الذي أعطى لنفسه الحق في أن يكون سيداً ومالكاً لها وباعها للذئاب الجائعة من البشر.. بعد فترة اشتد عودها وردت الصاع صاعين لمن باعها ومن استعبدها وانتقمت بشكل قاسٍ من الجميع، وأصبحت (خرابة بيوت) تنتقم لمجرد الانتقام من مجتمع ترى أنها ضحية له لأنه عقّها قبل أن تعقّه.

لم تنشر صحيفة «الإمارات اليوم» قصة «شاهندة» لسببين: الأول هو أنها قديمة وقد حدثت في العشرينات من هذا القرن في أيام الحرب العالمية الأولى، والثاني هو أنها ليست قصة حقيقية بل هي رائعة معالي وزير الخارجية السابق (راشد عبدالله النعيمي) في قصة تحمل الاسم ذاته، وتطورت في ما بعد لتصبح اسماً لملتقى (شاهندة) للإبداع الروائي في إمارة عجمان، والذي كانت دورته الأولى قبل عامين.

* * *

تدور جميع أحاديث (المجالس) في هذه الأيام عن الفساد الإداري وضرورة محاسبة الفاسدين الذين خانوا مؤسساتهم والأمانة التي كانت مسندة إليهم، مستغلين ظرفاً تنموياً استثنائياً وثقة استثنائية أيضاً منحها لهم المسؤولون. ولكن أحداً في مجالسنا لم ينتبه إلى ضرورة محاسبة بعض المؤسسات التي تسببت في إصابة الكثير من الموظفين بـ(عقدة شاهندة).. وحولتهم مجبرين إلى موظفين فاقدي الولاء يتربصون بمؤسساتهم والدوائر.

ما الجهة المخولة بمحاسبة نظام مؤسسي يجبر موظفاً لكي يعمل على الدرجة الوظيفية نفسها وبالراتب والمميزات نفسها لمدة 30 عاماً دون أن ينتبه له أحد؟ ومن سيقوم بمحاسبة مؤسسة توقف موظفاً اكتشف حالة فساد كبيرة فيها، وقامت الجهات الرقابية باستدعائه للشهادة وعند عودته فوجئ بخصومات كبيرة لأن الجهات الرقابية ليست لديها السلطة لإصدار أمر تفريغ؟ عندما يكون النظام المالي والإداري في مؤسسة ما (فشنك) وتتسبب أخطاؤه الكبيرة في تحميل موظفين مبالغ مالية كبيرة ظلماً ولأن النظام عقيم، فمن يعيد تلك الحقوق وهل يلام الموظف في ما بعد لو أنه حاول بحسب ما يراه أن يعوض نفسه؟

عندما يقضي موظف أكثر من نصف عمره في انتظار ترقية معينة ثم يفاجأ صبيحة يوم بأن امرأة جميلة في مقتبل العمر قد أصبحت رئيسته وضاعت فرصة الترقية عليه.. هل نلومه بعدها إذا عرفنا أنه لا يؤدي مهامه الوظيفية بالشكل المطلوب؟

تتفنن بعض المؤسسات الخاصة في محاولة استحداث أو اختراع أي سبب لكي تأكل من رواتب موظفيها ومستحقاتهم.. وتعين مجموعة (أبالسة) استشاريين لكي يخرجوا بآخر صرعات الخصومات والعقوبات.. فمن سيحاسبها؟

الكثيرون سيقولون إنهم لا يجدون العذر لـ«شاهندة»، في ما تقوم به وإنها فتاة بلا أصل، ولكن الحقيقة الراسخة التي لا يراها الكثيرون هي أننا كما تقول هوليوود: لا نعيش في عالم مثالي.

مؤسسات كثيرة خانت موظفيها.. قبل أن يفكروا هم في خيانتها.

 

shwaikh@eim.ae

تويتر