مصر .. أسطورة إفريقيا

عماد النمر

تشكل الأساطير جزءاً كبيراً من وجدان العالم أجمع، فهي ظاهرة خيالية قائمة بذاتها، تحكي قصصاً وحكايات نادرة وخارقة للعادة، لا يمكن التأكد من صحتها، إلا أن ما حققه المنتخب المصري لكرة القدم يعتبر وبحق أسطورة حقيقية ماثلة للعيان بشخوصها، ملموسة وحاضرة تنطوي على إنجاز مجيد نادر التحقيق.

فالمنتخب المصري حقق أسطورة عالمية، وكتب تاريخاً جديداً لا يدانيه أي منتخب آخر، فالفوز باللقب للمرة الثالثة على التوالي، والسابعة في تاريخه إنجاز يصعب تحطيمه، من قبل أي منتخب آخر قبل عشرات السنوات بهذا الشكل، فمنذ 2006 ومقدرات البطولة يرسمها بإتقان وبراعة رجال المعلم حسن شحاتة.

وأسطيع القول إن المدرب المصري حسن شحاتة قد أدخل مفاهيم جديدة في كرة القدم الإفريقية منذ تسلمه قيادة منتخب بلاده قبل خمس سنوات، فقد صنع منتخباً بالخلطة المصرية، لم يستطع الخبراء كشف أسرارها الكاملة حتى الآن، ونجح في المحافظة على منتخب قوي طوال خمس سنوات متواصلة، وهو ما أهله لأن يتربع على عرش مدربي الكرة الإفريقية عن جدارة، ما جعل نيجيريا تطلب قيادته لمنتخبها في المونديال المقبل.

وصنع نجوم الكرة في المنتخب المصري الأسطورة بداية من السد العالي، أفضل حارس في إفريقيا عصام الحضري، مروراً بخط دفاع عملاق وقف أمام أعتى ملوك القارة، فلم تؤثر فيه قوة الأفيال، أو شراسة الأسود، أو مخالب النسور، وتألق لاعبو الوسط وسيطروا على مقدرات القارة السمراء، فلم تحتل أي جماعة منطقتهم المحرمة، ودك الهجوم المصري منافسيه بصواريخ خارقة ماركة أحمد حسن ومتعب وزيدان.

ومثل محمد ناجي «جدو» الأسطورة الكبرى في الإنجاز التاريخي، فاللاعب الصاعد صنع مجد بلاده من مقاعد البدلاء، وعوض غياب الساحر أبوتريكة، وكتب بدقائقه المعدودة في كل مباراة ولدغاته القاتلة وأهدافه الخمسة سطوراً من ذهب في تاريخ المنتخب المصري، لقد أصبح «جدو» تميمة المنتخب المصري وسيكون نجمه الأول خلال السنوات المقبلة.

لقد تعملقت مصر كروياً، وطاولت قامتها عنان السماء، وهيمنت على القارة السمراء بفضل جيل عظيم من اللاعبين حقق كل شيء لبلادهم، ولا يقلل من إنجازاتهم الابتعاد عن نهائيات كأس العالم، التي خسرت فريقاً يستحق أن يكون في المونديال العالمي، ولا ننسى أن المنتخب المصري قهر إيطاليا بطل كأس العالم في كأس القارات، وفاز على الفرق الإفريقية الأربعة نيجيريا والكاميرون والجزائر وغانا التي تأهلت إلى كأس العالم في جنوب إفريقيا.

لقد أثبت أبناء النيل أنهم يستحقون هذا الإنجاز، فقد بذلوا كل ما في وسعهم للوقوف خلف منتخبهم في السراء والضراء، وكان لدعمهم مفعول السحر في انطلاقة الفريق نحو الإنجاز العظيم، وها هو يجني ثمار وقفته الرائعة بإنجاز أسطوري لن تمحوه ذاكرة الزمان أبداً.

الورقة الأخيرة

أفسد الاتحاد الإفريقي فرحة القارة السمراء ببطولته، حينما أعلن إيقاف منتخب توغو عن المشاركة في النسختين المقبلتين من كأس الأمم الإفريقية، وهو قرار مجحف ويتنافي مع القوانين الإنسانية، ونأمل في التراجع عنه.

 

emad_alnimr@hotmail.com

تويتر