«معلم» اللهجة المحلية!

سامي الريامي

شخصياً لا أعرف من هو إياد الخزوز، وأعتقد أنني لست الوحيد في دولة الإمارات الذي لم يسمع بهذا الاسم من قبل، وعموماً لا يعتبر ذلك جهلاً مني أو من الناس، فمعرفته من عدمها تندرج تحت باب العلم الذي لا ينفع، والجهل الذي لا يضر، وسواء عرفنا أن هذا الاسم هو لمخرج عربي يقوم بتصوير مسلسل «إماراتي» جديد، أم لم نعرف هذه المعلومة، فهذا لن يغير في كون الاسم غير معروف في الإمارات إلا من قبل عدد محدود جداً، هم في الغالب من الوسط الفني.

ولكن في المقابل لا يوجد في الإمارات، خصوصاً من الفئة العمرية الشابة، من لا يعرف المخرج أحمد المنصوري مثلاً، أو عبدالله المناعي الذي أسهم سنوات طويلة في العمل المسرحي، ولا يوجد أحد من جيل السبعينات لا يعرف سلطان الشاعر أو أحمد الجناحي، ولا أعتقد أن هناك من لم يشاهد مسلسل «شحفان القطو» الذي حقق شهرة كبيرة تجاوزت أرض الإمارات إلى جميع الدول الخليجية، على الرغم من تصويره في وقت شحّت فيه الإمكانات الفنية والتصويرية.

نجوم الإمارات، مخرجين وفنانين، أصبح لهم شأن غير بسيط في الدراما العربية والخليجية، واستطاعت المسلسلات الإماراتية في الآونة الأخيرة المساهمة بشكل ملموس في توعية المجتمع وطرح القضايا المهمة، في الوقت الذي أبدعت فيه الكوميديا الإماراتية بجانب الدراما، وأصبح التلفزيون أحد أهم وسائل الإعلام المؤثرة في المجتمع.

ما أود الذهاب إليه، هو أن الثقافة الإماراتية، واللهجة الإماراتية، والمسلسلات الإماراتية، حاضرة من أيام التلفزيونات «الأبيض والأسود»، صحيح أن إنتاجها متفاوت صعوداً وهبوطاً حسب ظروف كل فترة، لكنها كانت موجودة، ولا يجوز أبداً لأي شخص مهما كان حجمه أو اسمه، أن يلغي تاريخاً ممتداً من عشرات السنين، خصوصاً إن كان هو ذاته اسماً جديداً على المجتمع الذي يحل فيه!

هذا بالضبط ما استفز كثيراً من أهل الإمارات عندما اعتبر المخرج إياد الخزوز في تصريحات عجيبة أن عمله الجديد المسمى بـ«أوراق الحب» هو «أول مسلسل إماراتي حقيقي»، وتمادى في الإساءة إلى جميع الأعمال الإماراتية السابقة، وجميع فناني الإمارات، عندما أضاف: «أخطاء كثيرة في اللهجة الإماراتية شاعت في المسلسلات السابقة»، ونفهم من ذلك أن الخزوز جاء اليوم ليعلم أهل الإمارات وفنانيها لهجتهم المحلية التي لم يستطع أحد منهم إتقانها دون أخطاء، بدءاً من سلطان الشاعر و«الكراني» و«ماكديت» وصولاً إلى جابر نغموش وسميرة أحمد والجسمي والنيادي وغيرهم، وإن كان الخزوز بهذا الاطلاع باللهجة فليتم تعيينه مستشاراً لشؤون اللهجة المحلية في وزارة الثقافة، فمن الخطأ التفريط في هذه الكفاءة!

المخرج المميز لا يكون مميزاً بتعاليه وتكبره على الآخرين، ولن يصبح مميزاً بتسفيه من قبله، إنما التميز يكمن في احترام الآخر، وتقدير الأعمال السابقة، والعمل الناجح هو ما يشهد الناس عليه بأنه ناجح، لا أن يتحدث عنه مخرجه قبل بدء عرضه!

عموماً، سألت وبشكل شخصي عن الأهمية الفنية للمخرج الخزوز في بلده، فهم الأدرى بنجاحاته وأهميته، ففوجئت طبعاً بأن كثيراً منهم هم بالضبط مثلي لم يسمعوا بهذا الاسم من قبل!

reyami@emaratalyoum.com

 

تويتر