أقول لكم

محمد يوسف

أغرب إجابة يمكن أن نسمعها هي أن كبار المسؤولين، الذين هم في الوقت نفسه مسجلون متحدثين رسميين باسم الوزارات والمؤسسات الاتحادية ليسوا «فاضيين» للرد على اتصالات الصحافيين، وكفى الله المؤمنين شر القتال.

يجب أن نسكت، وأن نقبل بالأمر الواقع، وأن نسمح للكبار بأن يمارسوا تكبرهم علينا وعلى الرأي العام، وأن نعكس الآية، ونقول لأنفسنا «ما عندكم سالفة»، أي صحافة، وأي معلومة، وأي حقيقة، وأي علاقة تواصل تريدون؟ إن الناس مقامات، وكبار تلك الوزارات والمؤسسات لهم مقام يطاول الجبال، ومكانة ترسخ مع الأيام، سواء بفعل الانتفاخ المعنوي أو المادي، وسواء نتيجة الانبهار بالأضواء المعتمة أو المبهرة للنظر، هم عرض بطول، إذا نطقوا وزنوا كلماتهم، وإذا ابتسموا لفت البهجة حولهم، أصابعهم لا تقدر بثمن، فلا تطلبوا منهم أن يردوا على اتصالاتكم في أي وقت ترغبون، إنهم أحرار في ما يرغبون، وآذانهم عزيزة لا تسمع إلا من تحب وفي الوقت الذي تختاره هي وأصحابها، ووقتهم من ذهب، هم يعملون في الخفاء، فاتركوهم يعملون في الخفاء، ماذا تريدون منهم؟ ألا يكفيهم أنهم قبلوا بأن يكونوا مسؤولين عن مجتمعكم، ورضوا بتحمل أعباء مخاطبتكم في بعض الأحيان!

أغرب رد، في أغرب وقت، ولن أقول أغرب تفسير لأغرب تقصير، ولكنني سأقول إننا يمكن أن نسمع العجب العجاب في أي وقت وبأي أسلوب عندما نستخدم أسلوب التبرير، وقد جاء التبرير أسوأ من الخطأ نفسه، فهذا المشروع الذي ولد عاجزاً ومشلولاً كان يمكن أن يعالج، بالأدوية المنشطة أو المضادات الحيوية، وحتى بالتنفس الاصطناعي، بكل ذلك كان يمكن أن تجرى له عملية إنعاش، وأقصد مشروع المتحدث الرسمي، ولكن عندما يُقال لنا إن أولئك المتحدثين هم من الكبار الذين لا يملكون الوقت للرد على الصحافيين، فهذا يعني أن النظرة مازالت قاصرة عند أولئك الكبار نحو الصحافة ودورها وأهدافها وواجباتها، وعندما يكون هناك طرف كبير، فالمنطق يقول إن الطرف الآخر صغير، ولهذا كان الرد الغريب الذي قرأناه يوم أمس، يرسخ تلك الفجوة في فكر من اختاروا أن يكونوا كباراً حتى على مجتمعهم!

myousef_1@yahoo.com

 

تويتر