فتّش عن المال

حسام عبدالنبي

ملعونة هي الأموال التي غيرت طباع البشر وشوّهت الفطرة الطيبة للإنسان، ملعونة هي الأموال التي قتلت الضمائر وجعلت القامات الكبيرة تنحني للصغار، ملعونة هي الأموال التي جعلت حياة الإنسان وصحته سلعة تتاجر فيها الشركات والمؤسسات الدولية والدول الكبرى.

عفواً عزيزي القارئ، لم أقصد أن أجعل نهارك معكراً أو أن أقلل من قيمة المال الذي يعد زينة الحياة الدنيا، لكنني مضطر لأن أنقل لك مشاعري بعد قراءتي خبراً عن قرار الاتحاد الأوروبي فتح تحقيق في قضية أنفلونزا الخنازير للتأكد من أسباب تصنيفه وباءً عالمياً ورفع درجة خطره بناءً على طلب من لجنة الصحة بالبرلمان الأوروبي.

ووفقاً للخبر أكد رئيس لجنة الصحة بالبرلمان الأوروبي، ولفجانج وودراج، أن شركات تصنيع الأدوية وراء خلق حالة الذعر من فيروس «H1N1»، وانساقت منظمة الصحة العالمية وراء هذا التهويل، ورفعت مستويات التأهب بصورة لا تتناسب مع حقيقة المرض وسرعة انتشاره.

واتهم وودراج، وهو طبيب ألماني متخصص في أمراض الرئة، شخصيات في منظمة الصحة العالمية بوضع خطط لمواجهة الوباء، والانتقال لاحقاً للعمل في شركات لتصنيع الدواء.

وذكر في بيان صادر عن لجنة الصحة بالبرلمان الأوروبي، أن منظمة الصحة العالمية عرضت الملايين من الناس للقاحات غير مختبرة بشكل كافٍ من دون حاجة حقيقية، إذ إن الفيروس المسبب لأنفلونزا الخنازير يعتبر الأقل ضرراً بين موجات الأنفلونزا السابقة.

وبمطالعة الخبر وتفاصيله سنكتشف مؤامرة تعرضت لها شعوب العالم، فبعض الشخصيات في منظمة الصحة العالمية باعت ضمائرها وعرضت حياة ملايين البشر للخطر من أجل وظيفة تدرّ لها دخلاً أفضل، وشركات الأدوية لم تكفها الأرباح الطائلة التي تحققها من صناعة تعد من أكثر الصناعات ربحية، فقررت التآمر على أقوات الشعوب من مدخل حماية صحتها، وصنعت «فيلم» أنفلونزا الخنازير بعد «مسلسل» أنفلونزا الطيور الدرامي، الذي انتهت حلقاته ولم يعد أحد في العالم يعرف شيئاً عنه، وكانت قد سبقته مسلسلات مثل «سارس» و«الحمى القلاعية» و«جنون البقر» و«الفاشيولا». وهناك مسلسلات وأفلام جديدة في الطريق مثل «أنفلونزا الماعز» و«أنفلونزا الخيول»، والبقية تأتي طالما أن الشعوب مضطرة لدفع أية مبالغ في سبيل حماية صحتها.

وحكومات الدول النامية المسكينة وقعت في الفخ، فإذا لم تشتري اللقاح اتهمتها الشعوب بالتقصير وعدم الاهتمام بصحة الشعب، وإذا اشترته اتُهمت بتعريض حياة الشعوب للخطر من مصل يفترض أن أكثر المؤسسات العالمية صدقية أقرته. باختصار يا سادة أصبحت الأموال هي الحياة، وقديماً كان يقال عند التحري عن أسباب الجريمة «فتّش عن المرأة»، والآن تغيرت المقولة إلى «فتّش عن المادة أو المال»، لتعرف أنه سبب كل الجرائم؛ فإذا رأيت شخصاً يبيع ضميره أو يرتشي «فتّش عن المادة»، وإذا رأيت موظفاً يحني قامته لمدير غبي ثم يلعنه في سرّه «فتّش عن المادة»، وإذا رأيت أباً يقتل ابنه «فتّش عن المادة».. ففي زمن كل شيء يباع فيه ويُشترى لا تندهش إذا صادفت تغييراً في كل شيء للأسوأ، وإذا اقترب الناس منك بعد نفور من أجل المال لا تندهش، وإذا هجروك بعد أن ضاع المال لا تندهش أيضاً.. ملعونة هي الأموال وملعون كل من باع ضميره من أجلها.

hnaby11@gmail.com

 

تويتر