حادث أمني

حمدان الشاعر

أكد متحدّث باسم سلطة المطارات البريطانية حصول «حادث أمني» على متن طائرة تابعة لطيران الإمارات متجهة إلى دبي، ورغم أن تفاصيل الحادث لم تتضح على وجه دقيق إلا أن الأمر يبدو مستفِزاً ويحتاج إلى مراجعة للسلوك والإجراءات. فمن السهل إشاعة الذعر بين الآمنين وخلق حالة من الهلع غير المبرر بينهم، ومن السهل التلفظ بألفاظ تنم عن تهديد بتفجير طائرة، وهذا في ذاته يعد اعلاناً واضحاً عن حقيقة الاستهتار بأمن المسافرين، فالضرر هنا لا يتوقف عند الجانب النفسي فقط رغم تداعياته المؤثرة بل يتعداه إلى ضرر اقتصادي ينشأ جراء تأخير موعد الإقلاع وما ينجم عنه من ارتباك في جداول الطيران وتكاليف باهظة تترتب على ذلك.

ما الذي يدفع ثلاثة مسافرين إلى إشاعة كل هذا الهلع والذعر؟ هل هو السكر المغيب للإحساس بالمسؤولية أم أنه مجرد تسلية لم تُحسب عواقبها؟ وماذا لو كان من قام بالتهديد عربياً أو مسلماً؟ لوقفت وكالات الأنباء على أقدامها تحسباً واعلاناً صارخاً لحالة الذعر العالمي المُفتعل بالضرورة، ولأصبحت التهم الجاهزة مرادفة لهذه الصورة النمطية الموسومين بها سلفاً. أما إذا كان التهديد صادراً من إنجليزي متعجرف ينظر إلى غيره نظرة متعالية، فلا ضير في ذلك فقد تأثر بالخمرة التي أذهبت الفكرة وجاءت بالسكرة.

وعلى الرغم من الأخبار التي ترد من هنا وهناك عن ايقاف مشتبهين شرقاً وغرباً فإن التركيز للأسف ينصب دوماً على أصل الشخص ودينه، وعلى الرغم من أننا لسنا مع أي شكل من أشكال العنصرية ضد أي نوع من البشر وأن احترام الإنسان وأمنه حق أصيل، فإن الإعلام يجب أن يكون متزناً من دون أفكار مسبقة ضد دين أو عرق أو جنس، فالانحراف عن النظرة السوية والسلوك القويم قد يحدث لأي شخص بغض النظر عن أصله ومعتقده.

رحلة المسافر كلها عناء ومشقة وليس من المقبول تحويلها إلى عذاب متجدد ومخاوف لا تنتهي جراء تصرفات طائشة أو سلوك أهوج، فالأمن لا جدال فيه وهو غير قابل للمساومة أو التفريط وهو كل متكامل لابد أن يكون رديفاً للحل والترحال مهما كانت الظروف.


hkshaer@dm.gov.ae

تويتر