استثمارات دول مجلس التعاون

نجيب الشامسي

لقد كان من إيجابيات الأزمة المالية العالمية عام ،2008 أنها حملت في طياتها دروساً موجعة وصعبة لحكومات وشركات ومواطني دول مجلس التعاون الخليجي، بعد الخسائر التي تكبدتها إثر هذه الأزمة. ومن تلك الدروس المحافظة على استثماراتنا الوطنية، وتدوير الجزء الأكبر منها في محيطنا الاقتصادي لدول المجلس، والفائض يمكن توزيعه جغرافياً على العديد من دول العالم، وليس في دولة أو عدد محدود من الدول، بهدف تحقيق العائد المناسب، والمحافظة على القيمة الحقيقية لتلك الاستثمارات، دون تعريضها لمخاطر التجميد، أو المصادرة، أو الابتزاز الدولي، أو معدلات التضخم المتزايدة، أو الضرائب العالية، والرسوم المتصاعدة، أو دخولها في قنوات استثمارية مشبوهة، مثل تجارة المخدرات والخمور والدعارة، أو تمويل إنتاج السلاح المدمر، أو مشروعات تجارية ذات مخاطر عالية.

إن المتغيرات الاقتصادية والاستراتيجية التي تحكم بيئات ومناخات الاستثمار في العالم، وجعلتها محفوفة بالمخاطر السوقية، تجعلنا أكثر إصراراً على المحافظة على استثماراتنا، من خلال البحث عن مناطق آمنة ومستقرة، حتى لو كانت ذات عائد منخفض.

كما يجب أن ندرك مدى تجانس عناصر تلك المحافظ، وطبيعة القطاعات التي نرغب في الاستثمار فيها، لضمان القيمة السوقية للمحافظ والعائد المناسب لها، مع أهمية عدم المساس بقيم المستثمر، دون تفريط في أخلاقيات الاستثمار.

تجدر الإشارة هنا إلى أن البيئة الاستثمارية في دول المجلس، تتسم بالاستقرار والشفافية والبعد الأخلاقي. وأصبحت دول المجلس في ضوء هذا، مستقطبة للاستثمارات الأجنبية. ولعل الخطوة التالية التي نرى أهمية اتخاذها من قبل دول المجلس في إطار تعزيز بنيتها الاستثمارية، وتوفير بيئة أكثر جاذبية للاستثمارات الوطنية والعربية والأجنبية، هو ترجمة ما نصت عليه المادة الخامسة من الاتفاقية الاقتصادية، ومنها: توحيد الأنظمة والقوانين المتعلقة بالاستثمار، ثم معاملة الاستثمارات المملوكة لمواطني دول المجلس الطبيعيين والاعتباريين، المعاملة الوطنية في جميع الدول الأعضاء، ذلك أن تفعيل هذين الشرطين من المادة، إنما يهدف إلى تنمية الاستثمارات المحلية والبينية والخارجية في دول المجلس، فضلاً عن أهمية إزالة ما تبقى من معوقات إجرائية تعترض تنفيذ المشروعات المشتركة، ومعاملتها معاملة المشروعات الوطنية حداً أدنى، مع توفير حوافز إضافية للقطاع الخاص، لإقامة مشروعات برؤوس أموال وطنية مشتركة.

إن الأزمة المالية العالمية وانعكاساتها السلبية على استثماراتنا الوطنية، تؤكد لنا مدى حاجتنا في دول المجلس إلى تعزيز بيئتنا الاستثمارية، وتأكيد مدى أهمية إنسيابية رؤوس الأموال والاستثمارات بين أسواق واقتصاديات دول المجلس، ونؤكد هنا أهمية دور الغرف التجارية و«الأمانة العامة» لاتحاد الغرف في دول المجلس لتعزيز هذا التوجه.

alshamsi.n@hotmail.com

تويتر