الفرحة المســروقة

حمدان الشاعر

كان من الممكن أن يكون أي طفل آخر هو ضحية العيد، كان من الممكن أن يكون طفلاً تعرفه.. ابنك.. قريبك.. جارك، ففرحة العيد التي سرقها وحش بثوب إنسان تحولت إلى ذكرى عذاب سيقض أمنناً جميعاً خوفاً على فلذات أكبادنا. فما أكثر أرباب السوابق الذين تحفل بهم شوارعنا ونحن أبعد ما نكون عن العلم بهم، فأصحاب الجرائم لا يمكن أن يتحولوا فجأة إلى بشر طبيعيين وبلا نوايا إجرامية، ولو واجه هذا المجرم القصاص، الذي لنا فيه حياة، لكان الطفل المغدور به، يلهو اليوم مع أقرانه مطمئناً فرحاً.

في القوانين الوضعية لدى الغرب يظل صاحب سابقة الاغتصاب مُداناً حتى آخر حياته، وبعد خروجه من السجن تُطالب الشرطة بإبلاغ أهل الحي وجيرانه بأن له سابقة اغتصاب، حتى يتم أخذ الحيطة والحذر منه. وإذا كانت قوانين اليوم غير كافية لردع هؤلاء السفلة، وفشل قضية «الإصلاح والتأهيل» لأمثال هؤلاء المجرمين فمن الضروري هنا تغليظ العقوبة أو مراقبتهم باستمرار أو إبعادهم عن المجتمع والاختلاط بالناس الآمنين.

هذه القضايا تجعلنا نطالب بمناقشتها على أكثر من صعيد، لأن ما يحدث في الشارع قد يحدث في المدرسة أو في البيت، وما يحدث من الغرباء قد يحدث من الخدم أو السائقين أو أصحاب الخدمات أو رفاق السوء أو قرناء الأطفال، فالكل مطالب هنا بنشر ثقافة الوعي بالحرص والحيطة.

القصاص هنا هو حل جذري لاستئصال هذه الآفات، فلم يأمر به الإسلام عبثاً، إنما لتأسيس أركان مجتمع سوي قائم على الخوف من الجزاء، فهو الرادع الوحيد لأمثال هؤلاء الوحوش، فلا نفع من دفن رؤوسنا أكثر في الرمال والادعاء بأننا نحيا بسلام من دون خوف وسط هذه الأفواج من الغرباء والثقافات المختلطة، البعيدة كل البعد عن الإنسانية والفطرة السوية.

فلا يكفي أن نشعر بالأسى لحال أم وأب الطفل الضحية، فالإيجابية والمشاركة هنا هي المطالبة بسن قوانين أكثر صرامة توقف أمثال هؤلاء من التكاثر ومن إعلان فجورهم من دون خوف من العقاب، فإذا كانت الجريمة رديف الإنسان، أياً كان، فليكن العقاب أشد حدة وأصعب وطأة لإيقاف هذا الانتهاك لبراءة الصغار، وهذه السرقة لراحة مجتمع عاش طويلاً بلا صدمات من هذا النوع، وأزعم أن من أبسط حقوقه أن يظل كذلك، ليحافظ على أهله وحسن نواياهم كما كانوا دائماً.

hkshaer@dm.gov.ae

تويتر