بيئة الإمارات تحت رحمتك
ترك فشل قمة كوبنهاغن المناخية الكثير من المهتمين بشؤون البيئة مخذولين، وخرج آخرون إلى الشوارع في العاصمة الدنماركية ليعبروا عن انزعاجهم. فكانت الحكومات لا تمثل شعوبها ولا طموحاتهم بشكل صحيح. ولكن لمندوب إحدى الدول كانت الأمور حقاً غريبة. وزير البيئة الإماراتي الذي مثل الدولة في القمة كان يواجه التحديات نفسها التي يواجهها المندوبون الآخرون. ففي تمثيله لحكومة دولة الإمارات هذه المرة لم يكن يمثل طموحات الشعب. بل يوجد فرق شاسع بين ما تريده الحكومة وما يريده الشعب. فهي المعضلة نفسها التي تواجهها الدول الأخرى، ولكن في حالة الإمارات المسألة معكوسة. فطموح حكومة الإمارات في مجال البيئة أكبر بكثير من تأملات شعبها. في الإمارات تنتهج الحكومة سياسة تسمى الصديقة للبيئة بغض النظر عن بعض المشروعات المائية غير المستحبة المعروفة. ولكن للأسف يظل الإنسان المقيم على أرض هذه الدولة الطيبة من أكثر الأشخاص الملوثين في العالم بمن فيهم أنا وأنت. فوجدت دراسة أعدتها هيئة البيئة في أبوظبي في أكتوبر الماضي أن التلوث البيئي يتسبب في موت 850 شخصاً في الإمارات سنوياً. رقم هائل بالفعل. ولا أعترف بالنظرية العنصرية التي يروج لها البعض بأن الإماراتي هو من يلوث أكثر من غيره، فنحن نمثل أقلية والمسؤولية هي على كل المقيمين على أرض الدولة.
ذهبت قبل عقد لزيارة جزيرة صير بونعير، وآلمني مشهد التلوث المخجل، وقمت مع مجموعة من الشباب بتجميع النفايات، وهو أيضاً ما فعلته في زياراتي للبر، حيث رأيت أكياس البلاستيك وعلب «البيرة» ملقاة على الأرض وكأنها فخ ترك لجمل أو حمار وحشي ليقضي بها. لم أستمتع بزيارة البر وتوقفت عن الذهاب بسبب انزعاجي مما رأيت. الحمدلله اليوم يوجد وعي بيئي أكبر لدى الكثير منا ولو كان الطريق لايزال طويلاً. يمكنكم معرفة المزيد عن الحياة الطبيعية في الصحراء الإماراتية بزيارة مركز الحياة الطبيعية في الشارقة على طريق الذيد، وفيه ستتعرف إلى كل الحيوانات والنباتات التي قد لا يعجبها أسلوب حياتنا الجديد والملوث لحياتهم. هي حقاً صدمة كبيرة أن نكون نحن في الدولة التي أسسها الشيخ زايد طيب الله ثراه، حامي البيئة والذي أشرف على زراعة أكثر من 140 مليون شجرة، أن نكون نحن أكثر الملوثين في العالم. يا له من أمرٍ مخجل. ولكن الأمور إن شاء الله في تحسن. فموقف الإمارات في قمة كوبنهاغن كان أمراً مشرفاً بالتأكيد. يقول الباحث الإماراتي الشاب معاذ الوري، الذي أسهم في تقرير المعرفة العربي 2009 لمؤسسة محمد بن راشد ومكتب الأمم المتحدة الإنمائي، «بسبب كون الإمارات إحدى الدول المصدرة للبترول قد تكون من أكبر المتأثرين إذا تم التوصل إلى اتفاقية تحد من استخدام الطاقة النفطية في المستقبل، ولكن كانت حكومة الإمارات تطالب بتوصيات جدية لحماية البيئة وهذا أمرٌ رائع». فتعهدت حكومة أبوظبي بأن يكون استخدام الطاقة المتجددة لا يقل عن 7٪ من الطاقة في العاصمة، وأتمنى أن ينطبق هذا على كل الدولة. هذا بالإضافة إلى مدينة مصدر الضخمة، وجائزة الشيخ زايد للحفاظ على البيئة، وغيرها من المشروعات الصديقة للبيئة.
لتتحقق رؤية حكومة دولة الإمارات إليكم اقتراحاتي المتواضعة. ينبغي علينا أن نتبع أسلوب «العصا والجزرة» في تعاملنا مع الملوثين. نقوم بمكافأة المؤسسات والأفراد الذين يحققون تقدماً في مجال الحفاظ على البيئة ونعاقب من يتسبب في تدمير البيئة.
نستطيع أن نستعين بمن لهم خبرة في هذا المجال، كالآنسة رزان المبارك العضو المنتدب لجمعية الإمارات للحياة الفطرية. أيضاً توجد خطوات سهلٌ تفعيلها، كاستخدام مصابيح توفر الطاقة، والحد من استخدام البلاستيك والأوراق، وتدوير استخدامها. ويجب أن يفهم أرباب العمل أن الحفاظ على البيئة يشجع حتى قطاع السياحة، ويجذب الزائرين مثلاً إلى منتجع المها في دبي، أو إلى جزيرة صير بني ياس في أبوظبي.
يقول الشاب معاذ الوري إن الطريقة المثلى في التعامل مع الوضع الراهن، هي بمشاركة القطاعين الحكومي والخاص، فحسب قوله قامت الحكومة بأداء دورها والآن ينبغي على القطاع الخاص إدراك مسؤوليته تجاه البيئة.
الفرق الشاسع بين إرادة حكومة الإمارات وإرادة الشعب لا ينبغي له أن يستمر. لنغير أسلوب حياتنا ونحافظ على أرضنا الغالية، إن كانت حقاً كذلك.
زميل غير مقيم في كلية دبي للإدارة الحكومية