شبابنا بحاجة إلى دعم
من كان يظن «رجالاً ونساءً» بأن العالم العربي لا ينتج كتب رعب من المؤكد بأنه لم يقرأ مسلسل تقارير التنمية البشرية التي أصدرها مكتب الأمم المتحدة الإنمائي ومؤسسات محمد بن راشد والفكر العربي، فإنها تحكي عن الفقر وفرص ضائعة ونمو مجمد. يكفي القول إننا في حالنا هذه لن نخلق الـ100 مليون وظيفة التي يحتاجها أبناؤنا خلال الـ10 سنوات المقبلة.
فأكثرية الجيل الشاب من العرب اليوم لم يستفد من الطفرة التي عرفها بعضنا ولكنه أكثر المتضررين بالكساد الحالي. فتحول من جيل منتظَر إلى جيل منتظِر. فهو ينتظر فرصة للدراسة وينتظر فرصة العمل وينتظر أن يتزوج. فالحقيقة هم ينتظرون أن تبدأ الحياة، ولكن السنين تمر وهم ينتظرون أن تتحسن الأوضاع بلا تغيير.
كنت في الكويت في الأسبوع الماضي حيث سنحت لي الفرصة بأن أخاطب مئات المفكرين في ندوة خلق فرص العمل للشباب في مؤتمر الفكر العربي الذي أسسه الأمير خالد الفيصل.
حاولت أن انتهز الفرصة لكي أتكلم عن قصص النجاح في العالم العربي عسى أن يحتذي بها بعض الحاضرين. فلدينا في الإمارات مؤسسات خليفة بن زايد ومحمد بن راشد وما تقدمانه لدعم مشروعات الشباب. هنالك أيضاً مبادرات في السعودية ومصر تعنى بتدريب الشباب بمهارات فنية. وفي قطر يقوم برنامج «صلتك» بتمويل الشباب في مختلف أنحاء العالم العربي. ومن أحدث المبادرات هي ما قامت به مجموعة عبداللطيف جميل التي اشتركت مع محمد يونس الحائز جائزة نوبل للسلام. فقد قام السيد يونس بمساعدة مئات الآلاف من الأشخاص بفضل بنك غرامين الذي يتخصص في تمويل رأس المال الصغير.
بنك غرامين جميل قام في أقل من سنتين بضمان وتمويل أكثر من 44 مليون دولار في مشروعات للشباب في مصر والسعودية وتونس والأردن ولبنان والمغرب واليمن. هدفه هو إخراج مليون عربي من الفقر بحلول سنة 2012.
يقدّر حجم صناعة تمويل رأس المال الصغير أو المايكرو فايننس بخمسة مليارات دولار في العالم العربي. حان الوقت الآن لأن نعترف بأهمية تلك الفكرة ونوظفها مع المبادرات الحكومية. ولا داعي لأن ننتظر حلولاً من الغرب لمشكلاتنا فنستطيع أن نتبع فكرة السيد يونس نفسها أو أن ندعم مشروع غرامين جميل مثلاً.
فعندما أراد وارن بافيت أغنى رجل في العالم أن يهدي ثروته كان بإمكانه أن يؤسس أكبر صندوق خيري في العالم، ولكنه ارتأى بأن يقدم أكثر من 40 مليار دولار لمؤسسات بيل ومليندا غيتس الخيرية التي تعنى بمساعدة الدول الفقيرة.
قام آخرون في مؤتمر فكر الثامن بالحديث عن قصص نجاح من العالم العربي لأشخاص اختاروا أن يشعلوا شمعة بدل أن يلعنوا الظلام. كانت من أجمل القصص التي سمعناها عن رجل أعمال مصري اسمه محمد الصاوي لم يعجبه وضع «كوبري الزمالك» القديم الذي أصبح مرتعاً لمستخدمي المخدّرات بعد هجرانه وإنشاء جسر جديد.
توجه السيد محمد إلى وزارة الثقافة المصرية وأقنعهم بالموافقة له على تحويل أسفل الجسر إلى مركز ثقافي سمّاه الساقية، ويوجد به الآن حلقات شعر ومسرحيات وأفلام وعروض فنية بالإضافة إلى مكتبة. كل ذلك يتوافر بثمن بخس في متناول الجميع.
في الحقيقة تلك التقارير ترسم صورة محزنة لواقعنا العربي، ولكن لا ينبغي لنا أن نستسلم لليأس. حان الوقت لكي ننظر إلى جيل الشباب الصاعد كثروة تضاهي الثروة النفطية وليست كمشكلة تحتاج إلى حل. مؤسسة القيادات العربية الشابة التي كنت أمثلها في مؤتمر فكر لمست حياة آلاف الشباب في العالم العربي من خلال المحاضرات والتركيز على الريادة في الأعمال. نحتاج الى أن ندعم أي مجهود يتبنى حقوق الشباب. تخيلي فقط لو كان هنالك 100 مشروع مشابه لغرامين جميل في العالم العربي، كنا سنحل معضلات البطالة إلى حد كبير قبل سنة .2020
ليس بإمكاننا أن نؤجل علاج التحديات التي نواجهها بأن نلعن الظلام. إذا كان واقع 100 مليون شاب عربي عاطل عن العمل لايعجبك لاتقف مكانك وتلعن الظلام، تطوّع وبادر وافعل شيئاً لتغييره.
زميل غير مقيم في كلية دبي للإدارة الحكومية