قد لا أقود مركبتي بشارع جميرا!

صلاح بوفروشة الفلاسي

لم يعلم شاجي ابن الثامنة عشرة أنه سيفارق الحياة على يد مخمور بشارع جميرا العام في أواخر أكتوبر من العام الجاري، أحد أفضل طرق إمارة دبي من حيث روعة التصميم وسلامة المرور، فقد جاءه مسرعاً من دون أن ينتبه لوجود الإشارة الضوئية الحمراء التي توقف أمامها شاجي بانتظار إفساح الطريق أمامه،ولكن شاجي ورغماً عنه قطع الإشارة الضوئية بفعل الاصطدام به من الخلف في رحلة أخيرة عن الحياة، بفعل التصادم القوي بينهما، ليندفع ويصطدم بعمود الإشارة الضوئية التي أبت إلا أن تبقى حمراء غضباً، ولسان حالها يقول: أي ذنب اقترفت يا شاجي قِبلَ المخمور ليهديك هذا الحادث الجلل؟!

ما لم يدركه هذا المخمور أنه ساق نفسه إلى المحظور، وأن عليه أن يواجه سلسلة من الإجراءات القانونية التي لم تكن حاضرة في ذهنه بادئ الأمر، فنيابة السير والمرور لم تتوان في اتخاذ إجراءاتها القضائية ضده، والقانون هنا صريح وواضح،

لا يجوز قيادة المركبة تحت تأثير الكحول أو حتى مجرد الاقتراب من المركبة والشروع في قيادتها، والعقوبة هنا للعلم مغلظة، فقد تصل إلى الحبس لمدة ثلاث سنوات، والغرامة المالية التي لا تقل عن 20 ألف درهم، فما بال المخمور بإرادته يتعاطى الخمر ويقود مركبته دونما شعور أو تفكير في عاقبة من العواقب التي لم تكن لتقع لولا هذه الجهالة الفاضحة؟ وهنا تأتي المفارقة الغريبة في ذاك الطريق الأنيق الآمن كما تعتقد، فأنت ملتزم قانوناً في قيادتك، بينما الطرف الآخر ملتزم بأصول الاستهتار واللامبالاة بالآخرين، والنتيجة نفسٌ أزهقت على ذلك الطريق!

يبقى أن نعلم أن المخمور ربما فوجئ بالاتهامات التي أسندتها النيابة إليه أمام المحكمة، حيث تبين له أن تناول الكحول والتسبب في وفاة شخص يعدان من الظروف المشددة طبقاً لقانون العقوبات في الدولة، والتي قد تصل بالعقوبة إلى الحبس مدة لا تقل عن سنة والغرامة، وحالة الذهول تلك التي أصابت المخمور لم تكن لتزول، لولا وقع الحكم عليه بالحبس لمدة سنة وإبعاده عن الدولة.

لا أدري لماذا ينتابني شعور غريب عند قيادتي للمركبة بشارع جميرا، الأنيق الآمن، هل سيفاجئني الطرف الآخر بأمر ربما يقعدني عن التفكير؟ أم يلزمنا من الإيضاح والبيان الشيء الكثير، من أجل البقاء سالمين وبعيداً عن لا مبالاة الطرف الآخر؟!

 

alfalasi.salah@gmail.com

تويتر