الفرصة الأخيرة

حمدان الشاعر

يوصف مؤتمر كوبنهاغن المنعقد حالياً حول التغير المناخي بأنه الفرصة الأخيرة لإنقاذ كوكب الأرض من ظاهرة الاحتباس الحراري، حيث يطمح المؤتمرون إلى إقرار اتفاقية بديلة لبروتوكول كيوتو 1997 من أجل تثبيت تركيز غازات الدفيئة، وأهمها ثاني أكسيد الكربون، عند مستوى يحول دون ارتفاع درجة الحرارة إلى مستويات خطيرة يتعذر عكسها. ولأن بروتوكول كيوتو الذي يمثل أول اتفاقية دولية حول المناخ والذي ينتهي العمل به في 2012 قد أصبح غير كافٍ للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، فإن دول العالم مجتمعة ينبغي لها أن تتفق حول نقاط ثلاث رئيسة تتمثل في: 1ـ تحديد أهداف جديدة للحد من انبعاثات غازات الدفيئة، خصوصاً في الدول الصناعية. 2ـ مساهمة الدول الصناعية في توفير التمويل اللازم، مادياً وتقنياً، من أجل مساعدة الدول الأخرى للتكيف مع ظاهرة التغير المناخي. 3ـ تحديد خطة عمل في مجال تبادل الكربون.

لاشك أن العالم اليوم يبدو على شفير الكارثة مرتبكاً.. قلقاً.. متوجسا، فالمشكلة التي لم يعد أحدُ يقرّ بها في السابق أصبحت حقيقة ماثلة للكثيرين، وتتمثل في ظواهر كثيرة كذوبان الثلوج وارتفاع مستويات سطح البحر والنقص الهائل في مياه الشرب والانخفاض الحاد في إنتاج الحبوب وتفشي المجاعة والأمراض المعدية وانقراض العديد من الكائنات الحية وتدمير البيئات الساحلية، ناهيك عن الكوارث الطبيعية التي تعصف بالأرض شرقها وغربها. وحين تتجه أنظار العالم ورموزه نحو كوبنهاغن لبحث خفض الانبعاثات والنظر في تعهدات الدول الصناعية الرئيسة كالولايات المتحدة والصين والهند بأهداف ملزمة للخفض بحلول عام 2020 ، فإن الأمر يدل على جدية وخطورة الوضع الذي يعانيه كوكب الأرض اليوم، وأن الإرادة السياسية هي المطلوبة لإعطاء الزخم الكافي من أجل التوصل إلى معاهدة عالمية جديدة للمناخ.

إذا كانت دولة الإمارات والدول العربية مجتمعة لا تسهم إلاّ بنسبة 3٪ من مجمل الانبعاثات الكلية لغاز ثاني أكسيد الكربون، فإنها تظل ملزمة أخلاقياً وبيئياً بدورها في تنفيذ خطوات جادة وملتزمة بالحد من انبعاثات غازات الدفيئة، علاوة على أن تضررها حتمي من مجموعة من الآثار السلبية التي قد تنجم جراء التغير المناخي، كارتفاع مستوى سطح البحر وشح المياه ونقص الموارد الطبيعية، إلاّ أن العبء الرئيس لاشك يقع على عاتق الدول الصناعية التي أشبعت الكرة الأرضية بانبعاثات غير مسؤولة طوال قرنين من الزمان حتى ازدادت البصمة الكربونية (المساحة اللازمة من اليابسة والبحر لاستيعاب كميات غاز ثاني أكسيد الكربون سنوياً ) بنسبة 1000٪ منذ عام ،1961 وتجاوزت بذلك قدرة النظام البيئي الطبيعي على امتصاصها.

تظل الصدقية الحقيقية في الالتزام تجاه انقاذ كوكب الأرض بصدق التوجهات لدى الدول الغنية في الاعتراف بالكارثة، والتزامها الفعلي بالحد من أنشطتها الصناعية المؤثرة سلباً في البيئة، وموافقتها على تمويل ونقل التكنولوجيا لدى الدول النامية، فالمشكلة مشتركة، وحلها لن يتأتى إلاّ بعمل جماعي مشترك.

 

hkshaer@dm.gov.ae

تويتر