مباراة كرة وليست معركة!

عماد النمر

لأنها مباراة مصيرية ويتحدد على ضوئها من يتأهل إلى نهائيات كأس العالم 2010 في جنوب إفريقيا، حظيت مواجهة مصر والجزائر التي تقام غداً في القاهرة بضجيج إعلامي غير مسبوق، وشهدت تراشقاً بالكلمات المكتوبة والمسموعة من كل وسائل الإعلام في البلدين، حتى وقع الكثيرون في مستنقع لا مخرج منه حتى بعد انتهاء المباراة.

وفي كرة القدم تعوّدنا على الأجواء الساخنة بين الأطراف في المباريات خصوصاً المهمة والكبرى منها، ولكن أن تصل الأمور كما وصلت بين الجماهير المصرية والجزائرية من خلال المواقع الإلكترونية والمنتديات، فهذا شيء يرفضه العقلاء بكل أطيافهم وتنبذه العقول المستنيرة، ويأباه المنطق السليم.

وقد نلتمس العذر بعض الشيء للجماهير المتعصبة في كل مكان، فهي تتحرك بالغريزة وليس بالعقل أو الحكمة، كما أنها في الغالب من صغار السن ويغلب عليهم التهور والطيش، لكن لن نلتمس العذر أبداً إلى وسائل الإعلام التي من المفترض أن تكون منبراً للعقل والحكمة. وقد انزلقت وسائل الإعلام في مصر والجزائر خلف مهاترات الجماهير ونقلتها سواء عبر الصحف المقروءة أو القنوات الفضائية أو المحطات الإذاعية، فكانت الشرارة التي اشتعلت ولم يستطع أحد أن يطفئها حتى الآن، وتبادلت الأطراف الاتهامات والتراشق بالكلمات والصور، وأصبح لا همّ للإعلام الرياضي في البلدين إلا صب الزيت على النار المشتعلة بين الجماهير.

وعلى الرغم من محاولات العديد من الأطراف تهدئة الأجواء بين الطرفين والزيارات الرسمية وغير الرسمية التي قام بها المسؤولون للبلدين، فإن النيران تأبى أن تنطفئ، ويصر العديد من الإعلاميين على استمرار حالة الغليان بين الطرفين لتحقيق مصالح شخصية، فالقنوات الفضائية تريد استقطاب أكبر عدد من الجماهير التي تستهويها هذه البرامج لتحقيق أكبر قدر من الربح المادي، وكذلك تفعل بعض الصحف للمزيد من البيع، حتى أصبح الأمر تجارة رائجة لسلعة رخيصة. لقد صور لنا الإعلام المتعصب وغير المسؤول أن مباراة مصر والجزائر عبارة عن معركة حربية بين عدوين لدودين هدفها تطهير نهائيات كأس العالم من أحدهما، ورفع علم المنتصر على أراضي جنوب إفريقيا، حتى ولو كان الطرفان شقيقين وعربيين.

ولأنها مباراة كرة قدم وليست معركة حربية فواجبنا أن ننبه إلى الخطر الشديد الذي يحيق بنا جميعاً من جرّاء هذه الممارسات الخاطئة في العمل الإعلامي في مصر والجزائر على السواء. ولن نقول لهم توقفوا، فهذا لن يحدث، ولكن نقول لهم تعقلوا، ولا تنقلوا لنا الفلتان الجماهيري، ولا تصوروا لنا المباراة على أنها معركة نتيجتها «ياقاتل يا مقتول». ونقول للإعلام في البلدين اتقوا الله في الجماهير وتحدثوا عن منافسة شريفة، تليق بنا كأشقاء وعرب، تحدثوا عن الجوانب الكروية، ولا تجرونا إلى معارك الفائز فيها خسران.

الورقة الأخيرة
أرجو أن يكون يوم غدٍ مناسبة جميلة نهنئ فيها الفريق الفائز لأنه سميثل العرب في المونديال، وسنكون خلفه بكل قوة، وعلينا أن نظهر مشاعرنا بطريقة مشروعة وحضارية لا تسيء إلى الآخرين.

emad_alnimr@hotmail.com

تويتر