5 دقائق

حمدان الشاعر

رغم مسلسل التشكيك الذي عادة ما يكتنف الإعلان عن جوائز نوبل، ورغم إرهاصات نظرية المؤامرة التي نحاول فيها تبرير عجزنا في مجالات التفوق والريادة، فإن جوائز نوبل تظل تحظى بمصداقية عالمية لدى العلماء والباحثين. وفي الوقت الذي دأب فيه العرب على اللهاث وراء أمل الفوز بجوائز السلام والآداب، آملين في اختيار «أدونيس» تارة أو اختيار الراحل «الطيب صالح» تارة أخرى، فإن العالم يتطلع إلى مجالات أخرى أكثر أهمية وضرورة للبشرية. منذ منح أول جائزة لنوبل في عام 1901 لم يحظ سوى خمسة من العرب بشرف نيلها هم الرئيس المصري أنور السادات وياسر عرفات ومحمد البرادعي (السلام) ، وأحمد زويل (الكيمياء)، ونجيب محفوظ (الآداب)، ومن المسلمين غير العرب أربعة هم الباكستاني محمد عبدالسلام (الفيزياء في عام 1973) ، والإيرانية شيرين عبادي (السلام في عام 2003)، والتركي أورهان باموق (الآداب في عام 2006)، والبنغالي محمد يونس (السلام في عام 2006)، ولاشك في أن هذا كله يعد حصيلة هزيلة جداً بأية مقاييس أردنا وصفها، فالدول التي تشجع العلم والرغبة في التفوق وتحفيز روح الابتكار والتميز هي التي كان لها السبق والريادة، وهو تماماً ما يميزهم عنا، فالوعي بضرورة التطوير وتشجيع البحوث والعلوم هو الذي أوجد نخباً متفوقة في مجالات الطب والكيمياء والفيزياء والاقتصاد، ناهيك عن مناخات من الحرية حفزت الإبداع لدى مواطني هذه الدول ولدى الأجانب الذين وفدوا لإثراء الحضارة العالمية بقدراتهم وابتكاراتهم. لاشك في أن نظم التعليم المتطورة لدى الغرب والشرق هي المحرك الأساس في إيجاد بيئة مبدعة قادرة على صياغة مستقبل مشرق بناء، في حين أننا نحن التائهين في الجغرافيا والمهاجرين عن التاريخ مازلنا نبحث عن مدارس تستوفي شروط البناء ومدرسين يلقون التقدير المطلوب ومناهج تلاحق تطور العلوم.

العلم هناك كالهواء والطعام، والنظام التعليمي قائم على الاحترام والاحتراف ويحظى بدعم كل شرائح المجتمع لأنه مستقبل الأمة ومستقبل أجيالها. لا ينقصنا عباقرة أو نخبة في أي مجال، ما ينقصنا هو هذا المناخ الحر والاحترام الذي يقدر الإنسان ويتيح له حزمة من الفرص لإبراز مهاراته وقدراته، ويمنحه إمكانية التفوق دون أية عوائق أو مبررات سلبية تجهض مشروعات وأدمغة كان حرياً بها التميز والريادة. ومن المؤسف أننا نطالب بـ«نوبل» كأننا لا نعرف أننا في الأساس لا نتمتع بأرضية خصبة لإنتاج الأذكياء مثلما هو حال الغرب.هذا العام ذهبت 11 جائزة من أصل 13 من جوائز نوبل إلى أميركيين توزعت إلى ثلاث للطب وثلاث للفيزياء، واثنتين للكيمياء واثنتين للاقتصاد وواحدة للسلام نالها الرئيس الأميركي أوباما، وهذا مؤشر إلى أن أميركا التي يكال لها السباب ليل نهار على خلفية سياساتها التعسفية، تظل في المقابل مركز الثقل العالمي في إنتاج المبدعين، وعلى مستوى العالم تبقى أميركا مصدر إشعاع علمي فذ، ورغم وجود كثير من الغث الذي نسرقه من الغرب ونروج له لدينا، فإننا لم نعرف بعد كيف نحذو حذوهم في التحريض على العلم وإذكاء روح المثابرة والعطاء. لا يهم من يستحق جائزة نوبل، ما يهم لماذا لسنا ضمن مرشحيها، وكيف مرت 100 عام ومازلنا لا نعرف كيف نقتحم بوابتها، بل بوابة المستقبل الجدير بالخلود بـ«نوبل»، أو بغيرها.

 

hkshaer@dm.gov.ae

تويتر