حينما يفرّق الجواز الإماراتي بين المواطنين

سلطان سعود القاسمي

حينما كنت طالباً في باريس، في منتصف التسعينات، لم أكن أرى ضيراً في الإجابة، حين كنت أُسأل من أي بلد جئت، بأني من أبوظبي أو دبي أو الشارقة، أو أي امارة يعرفها السائل عن وطننا الغالي، لأنني ما كنت لأرى فرقاً بين الإمارات. لكن للأسف اكتشفت أن الكثير من الإماراتيين لا يفكرون بهذه الطريقة. فالعديد منا يباهي بإمارته قبل الدولة مثلاً. وأنا أجزم بأن للحكومة الاتحادية والحكومات المحلية يداً في ذلك الأمر، وإن كان من دون قصد.

برأيي المتواضع يوجد تحديان لمسألة الهوية الوطنية للإماراتيين، يجب أن نعالجهما. أولاً موضوع لوحات السيارات التي تنفرد بها كل إمارة على حدة، الذي يخلق فوارق بغيضة بين الشباب. وقد يتطلب الموضوع نقاشاً طويلاً لأن البعض يرى المسألة سيادية لكل إمارة. والموضوع الآخر المهم هو مسألة ذكر مكان الإصدار على الجواز الإماراتي. وإليكم ثلاث روايات. قال لي احد اصدقائي أخيراً بعدما قدم على وظيفة في إحدى الحكومات المحلية إن الشخص المسؤول طلب منه أن يحاول إعادة إصدار جوازه من الإمارة تلك ليحسن فرصه في الحصول على الوظيفة. وأيضاً قال لي مسؤول في مركز وطني «لحسن الحظ لم يطلب مني المسؤول الكبير أن أوظف مواطنين من إمارتنا فقط»، وأخيراً قال لي أحد طلبتي السابقين إنه لن يواجه مشكلة في وظيفة حكومية في إمارته لأن جوازه صدر من هناك. كم أصاب بخيبة أمل حينما أسمع مثل تلك الروايات. فبعض الأشخاص الذين تغلب عليهم النظرة القصيرة الأمد، يستخدمون جواز الشاب الإماراتي والشابة الإماراتية الذين يقدمون على عمل ما ضدهم، وآن الأوان أن نسحب ذلك البساط من تحت أرجلهم ولا نعطيهم الفرصة لمحاولة تخريب هذا الاتحاد الغالي.

الولايات المتحدة الأميركية هي أيضاً دولة فيدرالية، ولكنها لا تذكر ولاية الإصدار على الجواز، خشيه أن يستخدمه أشخاص للتفرقة بين المواطنين. أيضاً ألمانيا دولة اتحادية ولكن يمكن للمواطن إصدار جوازه من أي ولاية يشاء.

ولكن جميعنا يعرف سبب ذكر اسم الإمارة، فهو سر مفتوح كما يقال. فمكان الإصدار هو بمثابة كلمة السر لعالم من العجائب. فبحسب المدينة المذكورة تتغير فرصك في العمل والمسكن والتعليم والرعاية الصحية.

يقول أصدقائي الأردنيون من أصل فلسطيني، إن حكومتهم تستطيع معرفة هويتهم بسهولة بسبب رمز سري مذكور على الجواز. دائماً ما أقول «يا بختهم»، على الأقل الحكومة التي تتعرف على هويتهم وليس الموظفون الصغار. ومع أنني لا أحب أي أسلوب للتفريق بين المواطنين فالأَولَى أن يكون مكان الإصدار معلومة خاصة بوزارة الداخلية في الإمارات بدلاً من اتاحتها لكل «من كل هب ودب».

حاولت الإمارات على مدى السنتين الماضيتين تكريس الهوية الوطنية. وللأسف مازلنا نصدر هويات رسمية تعطي الفرصة للبعض للتفرقة بين المواطنين. إزالة مكان الإصدار أو استبداله بأبوظبي العاصمة الاتحادية في الجوازات الإماراتية، سيكرس روح المواطنة بين الإماراتيين. ولكنها خطوة جريئة تتطلب رجالاً ونساء جريئين.

*زميل غير مقيم في كلية دبي للإدارة الحكومية

تويتر