أبوظبي صديقة الكرسي المتحرك
أدركت بسبب رحلاتي المتعددة في المنطقة بأن مدينة أبوظبي هي المدينة الوحيدة في العالم العربي، التي يتمكن الفرد سواء كان يمشي على قدميه أم كان مستخدماً للكرسي المتحرك السير فيها، إلى حد ما إن أراد ذلك.
يجعلني ذلك أتفكر في أسباب عدم توافر إمكانية التنقل على كرسي متحرك في مدن أخرى غنية كالرياض والكويت مثلاً.
يسمي الأجانب الأماكن التي يمكن زيارتها على كرسي متحرك بالصديقة للكرسي المتحرك، وتوافرها يعتبر من الإشارات الإيجابية لتطور المدن.
وأكد لي أحد أصدقائي العراقيين في لندن أن عائلته تود الانتقال إلى إحدى إمارات الدولة التي يُدرس في إحدى جامعاتها أحد أفراد أسرته، ولكنهم لم يتمكنوا من ذلك، بسبب حالة الأرصفة غير المتساوية التي ستمنع أخته من التنقل على كرسيها المتحرك. ففي بلدنا أماكن كثيرة تعتبر غير صديقة للكرسي المتحرك من ضمنها دوائر حكومية ومؤسسات خاصة ووجهات سياحية. ومع افتتاح مترو دبي الحديث الذي تم تجهيزه بشكل كامل لمستخدمي الكراسي المتحركة، نتمنى على هيئة الطرق والمواصلات في دبي أن تتأكد من جاهزية الأرصفة المؤدية إلى محطات المترو، لتوفر بيئة كاملة ومريحة لمستخدمي الكراسي المتحركة.
زارني أحد أصدقائي السعوديين، يستخدم كرسياً متحركاً، قبل فترة من الزمن، فقمت بحجز غرفة له في فندق كمبنسكي دبي، فاكتشفنا بأن الغرف الوحيدة التي تعتبر صديقة للكرسي هي من الفئة الأولى ذات التكلفة العالية، حجزنا له الغرفة بسبب مجاورة مول الإمارات من الفندق، ما سيمكنه من التنقل بحرية. ولكنها لم تكن حرية مطلقة، فعند وصولنا إلى قسم العلامات التجارية الباهظة الثمن، واجهنا ثلاثة سلالم ينبغي على المرء صعودها لكي يتسوق هناك.
ويجدر الذكر أنه كان بالإمكان إن أراد زيارة ذلك القسم أن يدخل إلى «هارفي نيكولز» ويأخذ المصعد هناك إلى الدور الأعلى، ويخرج مرة أخرى لأخذ مصعد آخر لينزل به إلى القسم، ولكنه لم يرغب في فعل ذلك. فأتمنى على القائمين على ذلك المركز العريق تصحيح الوضع.
في خلال زيارته إلى الإمارات اشتكى لي صديقي المقعد من عدد المرات التي يرى فيها أناساً لا يستخدمون الكرسي المتحرك، ولكنهم يُصِرون على استخدام دورات المياه المتوافرة خصيصاً لذوي الاحتياجات الخاصة، فسأل أحدهم عن السبب، فكانت الإجابة بأنه يفضل المساحة الواسعة المتوافرة لهم داخل تلك الدورات!
منذ 10 سنين ذهبت مع والدي رَحِمَهُ الله إلى إحدى المواقع التي كانت شركتنا تقوم بأعمال البناء بها، ولاحظنا عدم وجود مسرب مائل للكراسي المتحركة الذي أصرينا على وجوده، وعندما جاءنا المهندس المسؤول سألناه عن سبب عدم وجود المسرب المائل؟ فأشار إلى زاوية وقال ذلك هو! فقلت لا يا فلان ذلك اسمه جدار، وطلبت منه أن يستخدم يديه الاثنتين ويصعد ذلك الجدار فلم يستطع، فكيف لمستخدمي الكراسي المتحركة فعل ذلك؟
المشكلة ترجع إلى ثقافة المجتمع، الذي قد يأخذ الأمرُ الكثير من الوقت لتغييره، ولكن أتمنى على المجلس الوطني الاتحادي بأن يصدر قانوناً يحمي حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، وإنشاء هيئة اتحادية تهتم بأمورهم كإصدار دليل عن الأماكن التي تعتبر صديقة للكرسي المتحرك، وإعطاء مهلة للأماكن التي لا تعتبر صديقة له لتعديل الوضع فيها.
في حماية حقوق المقعدين ستكون دولة الإمارات سباقة وخير مثال تحتذي به الدول الأخرى، كما كانت سباقة بالمترو وإنجازات لا تحصى نفتخر بها.
* زميل غير مقيم في كلية دبي للإدارة الحكومية